جاءت جامعة جازان حلماً تراءى لعيون العاشقين والمحبين والولهين من أبناء المنطقة بعد فترة مخاض طويلة، فاستبشروا بهذا المولود الذي طال انتظاره خيراً، ورأوا فيه آمالهم العراض التي تمنوها في أن يصبح لأهل جازان جامعة تحوي شتات أبنائها وتدفع بحركة العلم والمعرفة والتقدم في المنطقة قُدماً، وتكون رافداً قوياً لحركة التنمية المتسارعة فيها ببحوث أكادمييها ومراكزها العلمية والبحثية وكلياتها المتنوعة ومخرجاتها المتميزة، في منطقة تستند إلى إرث علمي وفكري عريق، وتشهد طفرة تنموية واسعة. ولإن كان اليوم من المبكر جداً في عمر الجامعة التحدث عن إنجازات كبرى بسبب كون الجامعات لا تحسب إنجازاتها بالشهور ولا بالسنين بقدر ما تحسب بالعقود والقرون؛ فالجامعات العريقة التي يشار إليها بالبنان على المستوى العالمي، والتي احتلت المراكز المتقدمة في التصنيفات المختلفة، لم تحتل هذه المكانة بين عشية وضحاها، وإنما هي أعوام تتابعت وعقود توالت حتى استطاعت أن تضع لها بصمة مميزة في سجل التقدم المعرفي والأكاديمي، ومع كل هذا فإنه بالرغم من قصر العمر للجامعة وحداثة الولادة والنشأة فقد ولدت هذه الجامعة بحمد الله كبيرة بطموحاتها وآفاقها بفضل من الله أولاً ثم بالدعم اللا محدود من ولاة أمر هذه البلاد، إضافة إلى جهود أبنائها ومنسوبيها الذين تسابق آمالهم جهودهم وجهودهم آمالهم.. ولعل ما تشهده الجامعة اليوم من خطوات حثيثة في مختلف المجالات خير دليل على هذا، سواء كان ذلك على مستوى البنية التحتية أم على مستوى الشراكات العلمية التي تعقدها الجامعة مع كبرى الجامعات ومراكز البحث العالمية، أم كان على مستوى الحراك الثقافي والأكاديمي الذي تشهده أروقه الجامعة. وما الموسم الثقافي الذي دشنه سمو أمير المنطقة الشهر الفائت وما زالت تتابع فعالياته المختلفة من خلال استضافة الشخصيات العلمية المتميزة وفي شتى التخصصات النادرة والتقائهم بمنسوبي الجامعة وبشرائح المجتمع.. ما ذلك إلا أنموذج بارز على هذا الحراك العلمي والثقافي الذي تهدف من خلاله الجامعة إلى تحريك الراكد المعرفي وبعث آفاقه وأبعاده، وتواصُل مثل هذه الفعاليات واتخاذها تقليداً سنوياً للجامعة هو في ذاته انحياز للعلم والمعرفة وإدراك لأثر البُعد المعرفي في فرادة الجامعات وتميزها.