«الجزيرة» - بندر الايداء
تنتظر سوق الاتصالات في المملكة إطلاق خدمات المشغل الثالث لشبكة الهاتف المتنقل (زين) خلال الفترة القصيرة المقبلة بالترقب واللهفة لمعرفة ماذا يحمل هذا القادم الجديد، وتطرح في هذه المرحلة، ما قبل الإطلاق، تساؤلات المهتمين بتطوير هذا القطاع في المملكة حول ما ستضيفه هذه الشركة ذات الخبرة الكبيرة إلى الخدمات المقدمة إلى المستفيدين. وماذا ستضيفه إلى قطاع الاتصالات الذي أصبح أحد أهم القطاعات الاقتصادية. ويرى مختصون أن دخول مشغل له تجارب في خوض المنافسة مع أكثر من خمسين مشغلا وتعامل مع أكثر من 22 هيئة تنظيمية للاتصالات حول العالم سيكون له أثره البالغ والسريع على مستوى تحسين خدمات الاتصال وجودة أدائها. وهذا الرأي ربما كان وراء الانطباع الذي ساد السوق السعودي منذ الإعلان عن فوز الشركة بالرخصة الثالثة نظرا لسمعتها وخبرتها. كما يدعمه التنامي الكبير في معدلات ربحية المجموعة التي تشكل (زين السعودية) إحدى أذرعها، خلال الفترة الماضية مع نمو أعمالها بفضل القاعدة التكنولوجيّة القوية والخبرة اللتين تتمتع بهما في المنطقة. كل هذا يوفر عوامل تساعد على تفوق ونجاح الشركة في السوق السعودي. ولهذا يتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة نشاطا وتحركا تسعى الشركة من خلاله إلى الحصول على حصتها من هذا السوق الضخم والذي تجاوز حجم الإنفاق عليه 38 مليار ريال سعودي العام الماضي.
وقد أكدت (زين) السعودية على لسان رئيسها التنفيذي الدكتور مروان الأحمدي، في وقت سابق، أن سوق الاتصالات بالمملكة من المتوقع أن ينمو لأكثر من 140% خلال السنوات الأربع المقبلة، كما أن جميع المعطيات تشير إلى خصوبة وجاذبية البيئة الاستثمارية فيه. وأن حجمه يقدر بأكثر من 9 مليارات دولار متجاوزاً حجم أسواق بقية دول الخليج مجتمعة، يتضمن مساحات كبيرة من فرص الاستثمار الواعدة في المستقبل القريب. وفي تعليقه على المنافسة اشار الاحمدي في ذات المناسبة بقوله: الميدان يا حميدان.
وقد عكست نسبة تغطية الاكتتاب العام لأسهم الشركة المطروحة مدى جاذبية الشركة لدى المجتمع السعودي حيث بلغت 283% من عدد الأسهم المطروحة للأفراد والبالغة 630 مليون سهم.
انجازات وخبرة متراكمة
ولعل أبرز ما يميز مجموعة (زين) العالمية كشركة رائدة في خدمات الاتصالات المتنقلة في الشرق الأوسط وإفريقيا هو وجود الخبرة الطويلة والامتداد التاريخي للعمل في دول ذات ثقافات متنوعة وأوضاع اقتصادية متباينة واستطاعت في هذه البيئات المختلفة أن تلبي حاجة المستفيدين وتستجيب لظروف بيئاتهم. ومن أبرز الشواهد على ذلك مشروع الشبكة الموحدة التي تربط مجموعة من الدول. واستطاعت مجموعة زين بهذه التجربة أن تسجل سابقة بين شركات الاتصالات العالمية. وتعتبر شركة زين التي تأسست عام 1983م تحت اسم شركة الاتصالات المتنقلة في الكويت MTC أول شركة مساهمة للاتصالات المتنقلة في منطقة الشرق الأوسط يملكها القطاع الخاص. وتعمل المجموعة، منذ 8 سبتمبر من العام الماضي، تحت اسم (زين ) في الكويت والاردن والبحرين والسودان والمملكة العربية السعودية والعراق بالإضافة إلى وجودها في لبنان باسم لبانسيل و15 دولة افريقية هي: نيجيريا وكينيا والنيجر وتشاد وتنزانيا واوغندا وزامبيا وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو والغابون ومالاواي ومدغشقر وسيراليون وأخيرا غانا التي بدأ التشغيل فيها بتاريخ 22 أكتوبر من العام الماضي.
ووفقا للمراقبين فإن زين قد دخلت مرحلة مميزة من النمو منذ أن تولى قيادتها الدكتور سعد البراك عام 2002م باتفاقية العلامة التجارية مع شركة فودافون العالمية. في عام 2003م تبنت الشركة سياسة التوسع الخارجي وأطلقت رؤيتها التي تهدف إلى أن تصبح الشركة مشغلاً إقليمياً في السنوات الثلاث الأولى، وفي السنوات الثلاث الثانية مشغلاً دولياً، وفي السنوات الثلاث الأخيرة مشغلاً عالمياً.
مؤشرات نجاح
وبحسب المعطيات الحالية فإن المجموعة تمضي بنجاح في تحقيق استراتيجياتها حيث استطاعت في أقل من السنوات الثلاث الأولى أن تتوسع وتوفر خدماتها في ست دول شرق أوسطية عربية بالإضافة إلى السعودية، هي: الأردن، لبنان، البحرين، العراق، الكويت، والسودان، ثم انتقلت إلى إفريقيا لتغطي خدماتها 15 دولة من خلال استحواذها على شركة سيلتل صاحبة الخبرة الكبيرة في الأسواق الإفريقية. وقد تسارعت وتيرة النمو في الشركة إلى أن أصبحت رابع أكبر شركة اتصال في العالم من حيث الانتشار الجغرافي إذ تغطي خدماتها مساحة من الأرض يسكنها ما يقارب نصف مليار نسمة من البشر. وبإلقاء نظرة على عائد سهم الشركة الأم في بورصة الكويت نلاحظ أنه تضاعف إلى أكثر من عشر مرات تقريبا مقارنة بما كان عليه قبل أربع سنوات. وهذا النمو فيه دلالة قوية يعول عليها للقول إن المجموعة تسير بخطى ثابتة على طريق النجاح تبرر التقديرات التي ترى أن (زين) تحقق أرباحا داخلية تتجاوز 6 مليارات دولار في 2010.
سلاح الابتكار والتطوير
ويعتبر المنتج الابتكاري بحسب الشركة أبرز أسرار تقدمها فقد كانت سباقة بتوفير كل ما هو جديد من حلول وتطبيقات في عالم الاتصالات، فهي أول من أقام شبكة الجيل الثالث بالتزامن مع شبكة (ادج) في جميع أنحاء العالم وأول من أطلق خدمات الجيل الثالث في الشرق الأوسط الناطق باللغة العربية وأول من أطلق خدمات رسائل متعددة الوسائط وأول من قدم خدمات البيانات عبر الهواتف المتنقلة.
وتجدر الإشارة إلى أن المرحلة المقبلة تحمل في طيّاتها تحدّيات كثيرة أمام شركات الاتصالات بشكل عام بحكم التغيرات في مجالات الاتصالات وتطبيقاتها. ومن هذه التحديات متطلّبات الابتكار والتميُّز والمحافظة على العملاء. وستكون المنافسة بين المشغلين على قيادة المنتج وعلى الأعمال ونماذج التشغيل بالإضافة إلى التنافس على إستراتيجيات النمو وعلى التعاون بين الشبكات.
وفي مطلع العام الماضي أطلقت المجموعة إستراتيجيتها ACE (التسريع والتعزيز والتوسع) لتحقيق رؤيتها الثلاثية 3*3*3 والتي تهدف إلى أن تصبح الشركة إحدى أكبر عشرة مشغلين للهاتف المتنقل في العالم بحلول 2011. وقد قررت الشركة تطبيق رؤيتها في بناء (زين) السعودية لتصبح نموذجاً دولياً لمشغّلي الاتصالات الناجحين.
نظره ثاقبة تجسدها الاستراتيجيات
وكشفت الشركة عبر استراتيجياتها بعيدة المدى عن نيتها توظيف كامل الأرباح الداخلية لتعزيز مكانتها التنافسية في السوق السعودي من خلال الرقي والسباق على توفير كل ما هو جديد. وبحسب تصريحات سابقة لمسئوليها فإن زين تستهدف الوصول إلى أكثر من مليوني عميل في سنتها الأولى لتمتد إلى أكثر من 8 ملايين خلال أقل من 4 سنوات، كما أن خدمات الشركة ستتوفر لدى أكثر من 95% من سكان المملكة ابتداء من اليوم الأول لإطلاقها بتغطية 34 مدينة وأكثر من 4000 كلم من الطرق السريعة بين المدن المملكة. وستغطي شبكة الشركة الخاصة 53% والباقي من خلال التجوال المحلي، الأمر الذي يعد إشارة صريحة لقوة البداية. وستكون شبكة زين وبنيتها التحتية قادرة على استيعاب أكثر من 8 ملايين مشترك في أقل من أربع سنوات.
وتشير تصريحات بعض مسؤولي الشركة إلى أنها ستدخل السوق السعودي بخدماتها الفريدة والمبنية على الابتكار والتطوير مؤكدة عدم إطلاقها إلا بعد التأكد من جودتها وتميزها والاستفادة من أخطاء الآخرين. ويأتي في طليعة تلك الخدمات خدمة الشبكة الموحدة والتي سبقت الإشارة إليها إذ يعتبرها الكثيرون سبقا عالميا في عالم الاتصالات حيث دشنت الشركة مؤخرا مشروع (الشبكة الواحدة) رسميا في الشرق الأوسط، لتضع بذلك 75 مليون نسمة في دول العراق والأردن والبحرين والسودان تحت مظلة شبكة اتصالات متنقلة عابرة للحدود الجغرافية بدون رسوم خدمات التجوال الدولي.
التزام بالمسئولية الاجتماعية
يستبق الخدمات الربحية
وبدا حرص الشركة تجاه مسئولياتها الاجتماعية واضحا كأحد ملامح استراتيجيتها حيث استبقت إطلاق خدماتها التجارية بعدة مبادرات اجتماعية وفي هذا الاطار أبرمت الشركة عدة اتفاقيات مع كل من: جامعة الملك سعود بالرياض وجامعة الملك عبد العزيز بجدة ومعهد التعليم المهني والفني بغرض إنشاء الشراكات المناسبة لدعم التطوير والتدريب في روافد الكوادر البشرية في المملكة حيث نصت مذكرة التفاهم التي وقعتها الشركة مع جامعة الملك سعود، معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية تحت رعاية كريمة من سمو ولي العهد على دعم المبادرات البحثية وتقديم برامج منح وتدريب في مجال الاتصالات وذلك مساهمة في تنمية المواهب والقدرات للشباب السعودي.
وبحسب الشركة فإن خططها في هذا الجانب ليست بأقل احترافية من الاستراتيجيات الربحية المباشرة حيث تتضمن خطط الشركة تطوير شبكة متنقلة للتعليم عن بعد تسمح لنحو 30.000 طالب بالحصول على التعليم التكنولوجي وتوفير البيئة المناسبة لاحتضان أية أفكار مشاريع وابتكارات جديدة على كافة المستويات. ويعكس هذا التوجه مدى حرص الشركة على الاستثمار في المجتمع الذي تعمل فيه أين ما كانت وتبنيها المساهمة في تطوير الكفاءات الوطنية الشابة بإعطائهم فرصة التعرف على أحدث التقنيات في صناعة الاتصالات الأمر الذي يسهم في تطوير صناعة الاتصالات ورفع مستوياتها. ويعتبر إلزام الشركة لنفسها بسعودة أكثر من 70% من وظائفها قبل إطلاق الخدمات التجارية تحركا فريدا وايجابيا في أبعاده. وقد أكدت الشركة استهدافها لسعودة أكثر من 95% من موظفيها في أقل من خمس سنوات رغم أن نسبة السعودة المفروضة من الجهات المعنية لا تتجاوز 30% من إجمالي عدد الموظفين.
مساهمة في الناتج المحلي
ويعتقد الكثيرون أن تلعب شركة زين بإمكانياتها التي تستند إلى المعرفة والخبرة في مجال الاتصالات النقالة دورا كبيرا في دعم توجهات الدولة نحو المحافظة على المكتسبات والقدرة على تطوير الإمكانيات والاستمرار في استثمار المميزات التي تتمتع بها المملكة حيث تبنت، استجابة للمتغيرات العالمية، مهارات أكاديمية وتكنولوجية جديدة للمحافظة على توظيف قدراتها وتحقيق النمو في سوق عالمي سريع التغير سعيا لتوثيق مكانها الذي تستحقه بين الدول الرائدة في مجال الصناعة. وينتظر مساهمو (زين) السعودية بداية تحقيق الأرباح في فترة قد لا تتجاوز الثلاث سنوات المقبلة 2010 بحسب التوقعات حيث يعتقد وصول الشركة إلى نقطة التعادل وهي النقطة التي تتساوى فيها الإيرادات مع التكاليف الإجمالية أي تعادل الأرباح مع الخسائر.