قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}في هذه الآية الكريمة الوعيد الشديد على مَنْ نشر خبر الفاحشة المنكرة الواقعة في المجتمع المسلم، فكيف بِمَنْ يتهم الأبرياء من المسلمين؟!. فكيف بِمَنْ يتهم مَنْ لهم مكانة ويقومون بمسؤولية في المجتمع ويدرأ الله بهم الفساد ويدفع الله بهم الهلاك عن المسلمين وهم رجال الحسبة؟!.
إنَّ مَنْ يقع فيهم فعقوبته أشد لفضلهم وحصانتهم الرسمية وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}في هذه الآية الكريمة أن الوقائع التي تهم المجتمع في دينهم وأمنهم يتولى النظر فيها أولو الأمر وهم العلماء والأمراء على ضوء ما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنَّ ذلك خيرٌ للمسلمين في حل مشاكلهم وأحسن مآلاً من أن يتولى النظر في ذلك دهماء الناس ومَنْ ليس من شأنه النظر في قضايا المسلمين أولا يحسن النظر فيها، فإنَّ ذلك شرٌ وأسوأ عاقبةً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر مَنْ آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنَّ مَنْ تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته، ومَنْ تتبع الله عورته يفضحه في عقر بيته). فقد توعد الله الذي يتتبع عورات المسلمين ويؤذيهم توعده بأن الله يتتبع عورته ومَنْ تتبع الله عورته، فإنه يفضحه في قعر بيته - أقول هذا بمناسبة ما يُنشر في بعض صحفنا المحلية مِنْ تُهَمٍ تُلصق برجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن إلصاق التهم بهم في قضايا قتل أو مطاردة للعصاة والمخالفين دون أن يتثبت كاتب المقال من صحة التهمة. ولو صحت فالنظر فيها يرجع فيه إلى المحاكم الشرعية وتكون المحاكمة مقتصرة على المُدعِي والمُدعَى عليه كسائر القضايا ولا يتدخل فيها الصحفي كأنه وكيل عن المدعي وينشر مجريات التحاكم قبل أن تنتهي الخصومة ويُحمِّل رجل الهيئة المُدعَى عليه المسؤولية قبل صدور الحكم وتُشاع مجريات القضية بين الناس كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ}.أَلا يدل هذا على معاداة رجال الهيئة والحقد في صدور هؤلاء عليهم؟!. إن في المحاكم قضايا كثيرة لا يهتم بها هؤلاء إلا قضية رجل الهيئة التي لم يثبت فيها شيء. أَليس هذا من النميمة والوشاية المحرمتين في الكتاب والسنة؟!.. أَليس في هذا سعي لتعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.. وهل يشترط في رجل الهيئة أن يكون معصوماً لا يخطئ لو قُدِّرَ أنَّه وقع منه خطأ؟!. إلا إن كان هؤلاء الذين يتكلمون في رجل الهيئة يريدون أن تنزل ملائكة من السماء تتولى الحسبة فهذا لن يكون، ثم قضية المطاردة لأصحاب الجرائم الواقع أنها متابعة وليست مطاردة.. هل يريد هؤلاء الصحفيون أنْ يُتْرَكَ المجرمون يعبثون... يتفق الرجل والمراة على الجريمة ويذهب بها إلى حيث يريد ولا يُتَابَعُ؟!. ثم لو كان صاحب السيارة المشتبه فيه بريئاً لم يهرب. إن المتابعة والقبض على أصحاب الجرائم واجب ديني؛ ثم هل رجال الهيئة يتابعون الأبرياء أو يأخذون مَنْ ظهرت لهم براءته بعد التثبت من شأنه؟. إن عمل رجال الهيئة كعمل رجال الأمن بل أهم وكل منهم رجال أمن ومسؤوليتهم متشابهة ولا لوم عليهم إذا قاموا بواجب عملهم ولو سَخِطَ مَنْ سخط لأن المصلحة للجميع. وكان حقهم علينا المناصرة والتشجيع والدعاء لا الانتقاد والتهوين من شأن مهمتهم وتتبع زلاتهم إنْ كانت.
فيا رجال الهيئة استعينوا بالله واصبروا كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
وأختم بقوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ}، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ}
عضو هيئة كبار العلماء