Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/03/2008 G Issue 12942
الاربعاء 27 صفر 1429   العدد  12942
لم يرحموا براءتها
(رزان) فتاة الثامنة استغلوا إعاقتها فتحرشوا بها وحرقوا جسدها!

الجزيرة - ياسر المعارك

طفلة كانت تحلم بالعيش مع الأطفال تلعب فوق مرجيحة أو تحتضن بيدها عروسة أو تركض وتتمايل كباقي مثيلاتها إلا أن إعاقة (رزان) حالت دون أن تسمح لها بالركض والضحك مع أقرانها واكتفت بمراقبة مجريات الحياة اليومية بكل لحظاتها بحاسة العين والسمع دون حراك بسبب الضمور العقلي الذي تعاني منه فلا حول لها ولا قوة إلا أن معاناة (رزان) لم تقف عند هذا الحد ولن يتوقع أي من قراء هذه الأسطر ما سيكشف عنه القلم من معاناة وصرخة استنجاد للتحرك وإنقاذ ما تبقى من طفولتها وإنسانيتها إن كان هناك ما تبقى ويمكن إنقاذه.

(رزان) ذات الثماني سنين لم تشفع لها إعاقتها أو تثير الشفقة والرحمة بل استغلت إعاقتها وضعفها بفعل التحرش الجنسي المتكرر والتعذيب الجسدي بالحرق والعض فأدخلت لقسم الطوارئ في أحد أكبر المستشفيات الطبية شمال مدينة الرياض بصحبة والدتها بداعي شكوى من الاستفراغ الحاد وخلال الفحوصات المتبعة تبين للفريق الطبي وجود آثار عض وحروق فأثارت الشكوك القوية أن تكون (رزان) إحدى ضحايا مسلسل العنف الأسري وكانت المفاجأة أعظم عندما تبين تعرضها لفاحشة لتحرش جنسي وبشكل متكرر حسب الفحوصات الأولية التي ارتأى إليها الفريق الطبي.

التقرير الطبي

أظهرت الفحوصات الأولية وجود آثار للعض في أعلى اليد والذراع كذلك وجود بعض الحروق في الجسم وبعد إجراء الفحوص المكثفة من قبل الفريق الطبي ظهرت شكوك واشتباه حيال تعرض الطفلة للتحرش الجنسي وبعد استشارة طبية موسعة من أفضل ثلاثة استشاريين مؤهلين ومن ذوي الخبرات خرجوا برأي واحد (تعرض الطفلة للتحرش) وقد تعذر على الفريق الطبي استكمال الإجراءات الكشفية كون أسرة الطفلة قامت بأخذها بالقوة والخروج من المستشفى..

زيادة الشكوك

بعد توحيد رأي الأطباء قاموا بالاستفسار عن الوضع الأسري للطفلة والبيئة المحيطة بها إلا أن والدتها وبعض أخوال الطفلة وفي الساعات المبكرة قاموا بأخذ الطفلة بالقوة دون أن يتم استكمال العلاج والإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالة ما رجح احتمالية وجود اعتداء جنسي وعدم رغبة الأسرة في الدخول بالإجراءات المتبعة لمثل هذه الحادثة التي تصنف بالجرائم الجنائية.

وقال مصدر ل(الجزيرة): عندما تبين للفريق الطبي تعرض الطفلة للتعذيب والاستغلال الجنسي تم تحويلها إلى التنويم واُستدعي فريق الحماية الاجتماعية بالمستشفى لاستكمال الإجراءات المتبعة من تبليغ وزارة الشؤون الاجتماعية والشرطة كونهما جهتي اختصاص في مثل هذه القضايا واقتصار دور المستشفى على العلاج الطبي وفي أثناء إجراءات التنويم انقض عدد من أخوال الطفلة مع والدتها وأخذوها بالقوة ولاذوا بالهرب وقد قامت إدارة المستشفى بتبليغ مركز شرطة السليمانية بتاريخ 4- 2- 1429ه.

الطب الشرعي

قال رئيس مركز الطب الشرعي استشاري الطب الشرعي الدكتور سعيد الغامدي إن الاعتداء يمكن إثباته من خلال محورين الأول إذا كان بشكل مستمر وعلى فترات طويلة فهذا يترك أثراً طويلاً جداً.

أما إذا كان الاعتداء حالة وقتية فعامل الزمن هنا له كلمته من خلال ضرورة الكشف السريع لعدم زوال الأثر على المجني عليه من خلال المسحات وغيرها من الأدلة.

الرأي القانوني

وقال المستشار القانوني والمحامي المتخصص في النظام الصحي الأستاذ أحمد المحيميد إن هذه الحالة تصنف من حالات العنف الأسري والاعتداء الوحشي على طفلة بريئة فضلاً عن أنه جريمة بشعة يعاقب عليها الشرع والقانون بأشد العقوبات التي ربما تصل إلى الإعدام عند ثبوت الواقعة حتى ولو كان الاعتداء واقعاً من أحد أفراد الأسرة أو الأقارب، فإن العقوبة سوف تطبق وربما تشدد، أما عن مسؤولية المستشفى فقد نص نظام ممارسة المهن الصحية على ضرورة التبليغ الفوري عن جميع الإصابات الناتجة عن حادث جنائي أو اعتداء على النفس مع إلزام المستشفى بإعداد تقرير طبي مفصل عن الحالة يتضمن مدة الشفاء والإجراء الطبي المتخذ والأدوية المعطاة وتقييماً عن الحالة ويعتبر المستشفى مسؤولاً عن حالة الطفلة منذ وصولها ودخولها للمستشفى لتلقي العلاج وعليه التعامل مع مثل هذه الحالات بما يتطلبه النظام من تأمين الحراسة المشددة والراحة فضلاً عن الخدمات العلاجية والاجتماعية والنفسية وكافة متطلبات الأمن والسلامة والأهم في هذه الحالات تبليغ البرنامج الوطني لحماية الأسرة في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني حتى يتم تسجيل هذه الحالة ودراستها ومحاولة مساعدتها مادياً ومعنوياً فضلاً عن إعداد سجل شامل لحالات الاعتداء الأسري حتى لا تتكرر وحتى نقضي على هذه الظاهرة نهائياً؛ أما عن حضانة الطفلة ولمن تؤول في حالة ثبوت قصور الأسرة فهذا يعود إلى ظروف كل حالة على حدة فإذا كانت الولاية للأب مثلاً وأمها مطلقة وهو لم يستطع تأمين الحماية والرعاية لابنته فالحضانة سوف تؤول فوراً إلى والدتها والعكس صحيح وعند فشل الأسرة بالكامل في رعاية الطفلة فمن الممكن سحب الولاية منهم وتسليمها إلى أحد أقاربها الراشدين حسب الظروف وعند الاختلاف فمن الممكن أن تكون البنت تحت رعاية دار الرعاية الاجتماعية؛ عموماً هذه الإجراءات تتطلب عملاً كبيراً في الادعاء العام والمحاكم والمستشفيات ودور الرعاية الاجتماعية.

مسئولية الطفلة

وقالت الدكتورة مها عبدالله المنيف استشارية أطفال ورئيسة برنامج الأمان الأسري بمستشفى الحرس الوطني: إن المستشفى الذي استقبل الحالة يتحمل مسئولية حماية الطفلة في إطار قانون المهن الصحية موضحة أن هناك نصاً نظامياً يخوِّل المستشفى إجراء العملية دون أخذ موافقة ولي الأمر إذا كانت تعرض الحياة للخطر وأشارت الدكتورة المنيف إلى أن هناك إجراءات يجب متابعتها وفق القرار الوزاري الصادر من وزير الصحة حول استكمال إجراءات التبليغ بشكل مباشر في مثل هذه الحالة

الحماية الأسرية

قال مصدر من مركز الحماية الاجتماعية إن هناك خطأً إجرائياً تم ارتكابه من قبل المستشفى فالمفترض عدم تسليم الطفلة لذويها إضافة إلى سرعة التبليغ المباشر للجهات الأمنية فور اكتشافهم تعرضها للإيذاء بهدف حمايتها وفتح ملف التحقيق الجنائي وأبان المصدر أن حالات الإيذاء تدخل ضمن الجرائم الجنائية التي يعاقب عليها القانون وأبان المصدر أن المستشفى قام بإبلاغ مركز الحماية قبل الشرطة والمفترض تبليغ الشرطة أولاً ثم الحماية الاجتماعية على اعتبار أنهم غير مسؤولين عن حماية الأطفال وأضاف المصدر أن الحماية الاجتماعية تقوم بالتواصل مع شرطة الرياض إلا أنهم لم يتوصلوا لأي معلومات جديدة عن الحالة، مؤكداً أنهم بصدد التعرف عن كثب على الوضع العائلي والأسري للطفلة وإذا ثبت الاعتداء عليها فسيتم سحبها وإيداعها بدار الحماية الاجتماعية.

وأهاب المصدر إدارة المستشفيات بضرورة إيجاد لوائح وأنظمة لضمان التعامل مع حالات الإيذاء بشكل سلس ويضمن حماية الأطفال.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد