لي مع الشمس قصة عشق متجدد.. أنتظر الفجر كل يوم.. ثم أظل أترقب طلعتها وأحبها أكثر حين يكسوها وشاح خفيف ذو ألوان زاهية من السحاب والشعاع الشفيف.. وأعلم أنها قادمة من رحلة بعيدة في سفر طويل ثم أرافقها اليوم كله.. وأحرص أكثر على وداعها وهي في ثياب الغروب لتطل على آخرين ينتظرون كما انتظرت ويرافقون كما رافقت.. إنها الشاهد الحي على حضارات الدنيا وثقافات الناس وعلى منابع الضياء في الحياة.. |
تيهي بمجد راسخ الأركانِ |
وتخيّري ما شئتِ من برهانِ |
وخذي إلى الآفاق فجرك يانعا |
عبقا يذيب العطر في الأغصان |
يسقي الظماء السائرين وربما |
وهب النجاة لتائهٍ حيرانِ |
ما زلتِ في سفَرِ الحياةِ ولم يزل |
سفرُ الحياةِ رسالةَ الإنسان |
يصلُ الحضارةَ بالحضارةِ مثلما |
يصلُ الزمانُ جذوره بزمانِ |
ويصوغ من أحلامها وفنونها |
حلُماً يداعب مهجةَ الفنان |
في كل ثانية خيالٌ عابر |
لا يستريح عن اختراق ثواني |
نحو الغدِ المنسوجِ من ألْق السنا |
في كلِّ نفسِ حرةٍ ولسان |
يسمو بما في الأرض من قيم إلى |
أفق الجمال وذروة الإتقان |
حتى يذيب الحسن بين حروفه |
نغما يحلق في شفيف بيان |
يشدو به التاريخ شدو مغرد |
لا ينتهي عن مترفات معاني |
غراء تحسبها السماء سماءها |
والمجد يحسبها مداه الثاني |
ولربما تصل الأماكن بعضها |
بعضا فتشرق بالضحى لغتان |
تتلمسان السلم قد سعدت به |
مهج الورى في حكمة وأمان |
وتسطران العدل حسا نابضا |
يسمو بما في الروح من وجدان |
أرأيت لو أفضى (حراء) بهمسة |
يصغي لها (فوجي) من اليابان |
أو فاض من (أحد) ضياء محبة |
يعدو به عبر المدى قمران |
يتناجيان وفي الفضاء كواكب |
تجري على هدي الضياء الحاني |
وعلى جبين الشمس تومض رحلة |
لم تخلُ من تعبٍ ومن أشجان |
فيها من الإنسان نبل صفاته |
وصفائه وتمازج الألوان |
وثقافة تعلو بمن يعلو بها |
كالشمس قد سلمت من الأضغان |
تبني جسور تجارب وتقارب |
وحقول معرفة وطيب أماني |
وتقيم ميثاق الأخوة في الورى |
يعلو بما في الناس من إحسان |
في صحبة الشمس التي حفظت لهم |
عهدا يصون حدوده أفقان |
حسب النفوس من النفوس وفاها |
ومن اللقاء متانةَ البنيان |
ومن الكتاب وقد تأنق عرسه |
شرف النهى وكرامة الأوطان |
|
|
|