تتطلع الكثير من الصناديق الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية إلى الانخراط في الاستثمار بمشاريع البنى التحتية في دول الخليج وبخاصة في المملكة نظراً إلى تعزيز ارتفاع أسعار البترول وتحسن البيئة الاقتصادية والاستثمارية. فقد قدرت مؤسسة ميريل لينش المالية العالمية حسب ما جاء في مجلة الأعمال العربية (Arabian Business) أن حجم الإنفاق على البنى التحتية في الشرق الأوسط بنحو 225 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة، وفي روسيا بواقع 195 مليار دولار، وفي وسط وشرق أوروبا عند 45 مليار دولار، وفي تركيا 50 مليار دولار، وجنوب إفريقيا 60 مليار دولار. ويتجاوز هذا مبلغ510 مليار دولار المتوقع أن تنفقه الصين والهند خلال الفترة ذاتها. وحيث إن سعر النفط في ارتفاع مستمر مما يعني زيادة الإيرادات والذي سيعزز الإنفاق على كافة المشاريع أهمها البنى التحتية في المملكة.
هذه الإحصاءات تبين أن البنى التحتية الشريان والمحرك الرئيسي لأي اقتصاد حيوي وتنموي يفتح الآفاق لحياة أفضل للجميع، ومن هذا المنطق أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - منذ توليه الحكم مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في جنوب رابغ وتمتد على طول 35 كيلومتراً على ساحل البحر الأحمر بمساحة 168 مليون متر مربع وبتكلفة إجمالية قدرها 100 مليار ريال سعودي، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية المتكاملة بمنطقة حائل والتي تمتد على مساحة 156 مليون متر مربع بتكلفة إجمالية بقيمة 30 مليار ريال سعودي، ومدينة جازان الاقتصادية بقيمة 100 مليار ريال سعودي وتبلغ المساحة حوالي 100 مليون متر مربع، ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة بقيمة 25 مليار ريال سعودي، وتقع على مساحة 4.8 مليون متر مربع، كما يجري في الوقت الحاضر دراسة بإقامة مدينتين اقتصاديتين في كل من المنطقة الشرقية ومنطقة تبوك. هذه المدن الاقتصادية الستة ضمن خطة الهيئة العامة للاستثمار الجادة والفعالة في اجتذاب الاستثمارات المحلية والخارجية إلى مناطق المملكة والمتوقع أن تصل حجم الاستثمارات في هذه المدن الاقتصادية إلى أكثر من 400 مليار ريال سعودي، منها ما يقارب 100 إلى 120 مليار ريال سعودي لإنشاء البنى التحتية، والتي تعّد ركناً أساسياً للتطور في أي مجتمع وترتبط حاجتها وفعاليتها المبنية على الدراسات العميقة، والتخطيط السليم والمستندة على المعلومات الدقيقة والمنظور بعيد المدى، وتوفر مواد البناء الحديثة والمتميزة وبأعلى معايير الجودة العالمية، وربط عناصرها لتكون منظومة متكاملة من الشبكات المترابطة تفي احتياجات جميع المباني والمنشآت والمرافق المراد استخدامها من قبل المستفيدين وتسمح بالتوسعات المستقبلية.
وتتكون البنى التحتية من عدة شبكات أهمها الطرق الرئيسية والفرعية ومياه الشرب والري والغاز والصرف الصحي والصناعي والكهرباء والاتصالات والمعلومات وتصريف الأمطار وأنابيب مياه التبريد المثلجة وغيرها من الشبكات تحت الأرض، بالإضافة إلى المرافق المكملة للبنى التحتية من مبنى تنقية المياه والتحلية للشرب وتحلية مياه البحر لتبريد المصانع وأبراج المياه المثلجة وخزانات وأبراج المياه وأبراج للخطوط الهوائية الكهربائية ومباني القوى الكهربائية الرئيسية والفرعية ومعداتها وأجهزتها ومرافق لمعالجة الصرف الصحي والصناعي ومحطات الرفع والصرف، ونظام المراقبة والتحكم وتجهيزات السلامة والأمن الأساسية وغيرها من المرافق الحيوية. هذه البنى التحتية المراد تشييدها يجب أن تتعدى مفهوم البنى التحتية التقليدية وهو ما سنتطرق له - إن شاء الله - في الأسبوع القادم.
المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل
mnjadid@yahoo.com