...تمر الأيام مهرولة وفي بعض الأحايين خاطفة فلا نكاد نحس بمرورها.. وفي كل عام ننتظر الجديد.. جديدهم الذي قد لا يتوفر لدينا لأسباب عدَّة (متنوعة) تنوعاً قد يكثر عندنا لأسباب (أثروبولوجية) لا أظن بأن أحداً يجهلها ولكنني موقن بأن بعضنا (الآخر) قد يتجاهلها؛ رضوخاً لتلك النرجسية - لا أقول الاجتماعية - بل (الجماعية) التي لا تحتوي إلا على تكريس (حاد) للإقصائية والإبعاد الشامل فهي لا تدع مجالاً لأي كان بأن يميز بين الصحيح والخطأ، بل تختار الذي يعجبها وبمزاج (خاص) لتضعه على قائمة المسموح (المباح) بلا قيد أو شرط.
بالتأكيد لم نكن ننتظر معرض الكتاب الأحادي (السنوي) الذي لا يتكرر في كل عام إلا مرة ليتحفنا بتلك الكتب التي تملأ مكتباتنا (السعودية) بشكل عارم.
نتساءل في كل عام عن الجديد.. الذي أصبح العدو الرئيس واللدود لمعرض الكتاب، الذي ما إن يكاد يتنفس بشيء من التجديد إلا ويختلق (البعض) تلك الزوابع الحادة لتهب هنا وهناك مبتلعة كل أنواع التحديث أو التطوير في محاولة جادة حقيقية لتكريس النمطية (القاتلة) التي أُجبِرنَا على تجرعها في كل عام وبمرارة شديدة، فبالإضافة إلى ذلك يضيفون إلينا نمطية الآخرين التي لن تزيدنا إلا جهلاً وشقاءً!.
أشخاصٌ يتكلمون عن المعرض بلغة التنشج والعنف ويحذرون الناس منه ويحثونهم على التظاهر ضده، وكأن هذا المعرض سترتكب فيه كبائر الذنوب وعظائمها التي لا يمكن أن تغتفر..!، ولا يذكرني هذا السلوك إلا برهبان الكنائس في القرون الوسطى عندما ثاروا على الكتاب وعلى كل ما له علاقة بالثقافة والعلم وبالتجديد، فوقفوا في وجه الكتب وحالوا دون نشرها وتوزيعها على البشر.
وتستمر الحملة (المنظمة) ضد هذا المعرض المسكين من دون أن تكون هناك أية أدلة أو براهين بل يطلق العنان للحدس الخاطئ أو بمعنى أصح ل(الوسواس) الذي يخيل لهؤلاء بوجود تلك المحاذير الفتية داخل أروقته..
يتكلمون عن المعرض ويحرضون عليه وأنا أجزم بأن هؤلاء لم تكتب الأقدار لهم بأن يزوروا هذا المعرض ويتجولوا داخل أروقته، فكل واحد منهم منهمكٌ في التحريض عليه والتحذير منه..
لا لشيء إنما انسياقا خلف كهنوتية (قد) أو (ربما) اللتين تصوران لهم المسموح في هيئة الممنوع، وهذا بالفعل هو ما نلحظه في كل عام، والغريب أنه يتكرر بنفس الطريقة والأسلوب وفي التوقيت ذاته!.
كان الأولى بأن نكون خير داعمين لهذه الأنشطة (الثقافية) فهي تقام على أرضنا وتحت سمائنا وهي بلا شك تعكس الوجه الحضاري لهذا البلد وأهله، وأن نعود أنفسنا على الحوار الهادئ المتزن البعيد عن الإقصائية الحادة والمنطوية التي لا تعزز إلا الجانب المظلم من شخوصنا الحية.
Alfaisal411@hotmail.com