في لقاء مع (جريدة إيلاف) الإلكترونية نشرته في موقعها على الإنترنت قال وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت السيد المهري: (لا يوجد شيعي واحد كان مع المفجرين الانتحاريين في 11 سبتمبر، ولا تفجيرات جزيرة بالي، ولا تفجيرات فنادق الأردن. كلهم كانوا من السنة). ويواصل قائلاً: (نحن الشيعة لدينا حرام، ولا يجوز أن تذهب روح الحيوان فكيف بالإنسان).
وهذه مغالطة وكذب وافتراء، وأول من ينفيها النصوص الشيعية نفسها. تاريخياً أول من نفذ العمليات الانتحارية في العصر الحديث، وسماها (عملية استشهادية) هم الشيعة وليس السنة؛ وبعد ذلك تسرب هذا الفكر المنحرف، بنفس التسمية، من الطائفة الشيعية إلى الطائفة السنية من خلال (ثوريي) السنة؛ الذين لا همّ لهم إلا لَي أعناق النصوص، وتحميلها ما لا تحتمل، رغبة في (تثويرها) طمعاً في القفز إلى كرسي السلطة كما هو معروف.
الأمر الآخر أن الانتحار، وربطه بالجهاد كما يروج الإرهابيون، فكر لا علاقة له بأهل السنة والجماعة، فهو دخيل على الفقه السني؛ وقد أنكره أغلب علماء أهل السنة المعتمدين - ودع عنك الشذاذ - سواء في المملكة أو في بقية أقطار العالم الإسلامي. ففي المملكة أنكره الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين - رحمهما الله - وهما من أعلام أهل السنة والجماعة في العصر الحديث كما هو معروف، وصدرت لهما فتاوى تقول بذلك في منتهى الوضوح. وفي مصر يكاد يتفق العلماء الأزهريون على أنه خارج تماماً عن جميع مذاهب أهل السنة والجماعة، ولا عبرة بمن خرج عنهم من أصحاب المذاهب الإسلامية المنحرفة. حتى مَن أيدوا فأيدوه في مواجهة العدو المحتل في فلسطين (حصراً)، ولم يطلقوا القول بالحل دون ضوابط كما يفعل شذاذ فرقة القاعدة مثلاً، الذين أباحوا حتى قتل المسلمين انتحاراً إذا كان سيؤدي إلى قتل (الكافر) كما هي (فتوى التترس) المتداولة بينهم؛ ولا فرق لديهم بين الكافر المعاهد أو غير المعاهد؛ فالغاية هي (الثورة) على الأوضاع القائمة، والتغيير بالقوة، ومن أجل تحقيق (الثورة) يتلمّس هؤلاء أي دليل أو رأي يرون أنه سيؤدي إلى قلب الأوضاع، وإثارة الفتنة، عسى ولعل أن يؤدي خلط الأوراق إلى إعطائهم فرصة للوصول إلى السلطة.
أما الإرهاب فلا طائفة له؛ ولا تختص به طائفة دون أخرى؛ فقد روى - مثلاً- العالم الشيعي المجلسي في كتابه (بحار الأنوار 27-231) عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصبي (وهو السني عند متطرفي الشيعة)؟ فقال: (حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء فأفعل لكيلا يشهد عليك)!. وكتاب (بحار الأنوار) من أهم المراجع الشيعية كما هو معروف؛ كما جاءت هذه الرواية بذات النص في كتاب (وسائل الشيعة 18-463) وقد علق الخميني على هذا النص بالقول: (فإن استطعت أن تأخذ ماله فخذه، وابعث إلينا بالخمس)!. والسؤال الذي يطرحه السياق: أليس هذا نصاً شيعياً (مؤصلاً) تنطبق عليه كل أركان العمل الإرهابي؟
ورغم أنني أكره الطائفية، وتأجيجها، وإثارة النعرات المذهبية، وتعيير الآخر، أي آخر، بطائفته، كما كتبتُ في ذلك كثيراً، إلا أن الحقيقة يجب أن تذكر، خاصة إذا حاول مَن يحاورك اللعب على الحقائق، كما فعل السيد المهري في لقائه مع إيلاف.