Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/01/2008 G Issue 12906
الثلاثاء 21 محرم 1429   العدد  12906
الإداري الحديث
ناصر عبدالله الغنيم

الحديث عن الشيخ صالح العجروش، حديث محزن ومؤلم، فهذه الشخصية غير التقليدية التي تشرفت بالعمل معها لفترة قصيرة، كانت ترى برؤية حاضرة وسابقة، وهذه الرؤية، عند الشيخ صالح وضحت عندما قام بتوقيع عقد استخدام التقنية (الكمبيوتر)، بإدارات الإعلان، والتوزيع، والمحاسبة، وشؤون العاملين عام 1982 وهذه الحداثة لم تكن مسبوقة بالمؤسسات، كان صاحب مبادرة، وفكرة رائدة، الشيخ صالح هو من شارك بتأسيس وساهم بإنشاء شركة توزيع وطنية تجمع كل المؤسسات الصحافية (الشركة الوطنية للتوزيع)، بل إنه هو من صنعها بإصرار وعناد، مع الشيخ أحمد جمجوم رئيس مجلس إدارة مؤسسة المدينة الصحفية آنذاك، وهذه الشركة جنت منها الصحف الكثير، الشيخ العجروش إذاً لم يكن إدارياً تقليدياً ينفر من التحديث، بل كان مبادراً وسباقاً وباحثاً، ولا يهابها!

الحديث عن الشيخ الإداري الإنسان لا تنصفه سطور؛ فالشيخ شخصية شفافة وواضحة إلى أقصى الدرجات، فتجده سباقاً للأعمال الإنسانية، ولديه قائمة شهرية لبيوت وعوائل تصلها المعونات من الشيخ شخصياً، وكان يخفي كل هذه الأعمال حتى على أقرب الناس لنفسه، ولكنك تستطيع كشفها ورؤيتها عند بداية كل شهر فتجد بمكتبه نفس السحنات المتعبة، جالسة بمكتبه تحتسي الشاي، والشيخ يعاملها بطريقة إنسانية راقية، فالشيخ المرحوم لا يفرق بتعامله بين الفقير والغني، والصغير والكبير، فالابتسامة نفسها، لا تغيرها المناصب والمال.

والحديث عن الشيخ الإنسان لا تكفيه حالة أو حالات بل هي مواقف كثيرة يصعب الحديث عنها وفي هذه العجالة، المرحوم يحمل بداخله إنساناً حقيقياً لم تغيره المناصب والمال والعلاقات.

العجروش إضافة إلى سجاياه العديدة سن أسلوباً جديداً في العمل، فكان العمل معه يستند إلى قاعدة (الصلاحيات لا تعطى بل تؤخذ) فكان لا يقف أمام الفكرة أو التطوير أو التحسين، بل يشجعها ويدعمها ويقاتل من أجلها.

وهو من صنع نموذجاً فريداً للأسلوب الإداري الصحافي الحديث، فكان رحمة الله عليه يشكل مع رفيق دربه الأستاذ الفاضل خالد المالك نموذجاً فريداً بالتوافق والانسجام والالتقاء على هدف مشترك ألا وهو (النجاح) وتحقق لهما ما بحثا عنه، فكانت الجزيرة بفترتهما أقوى الصحف السعودية توزيعاً وإعلاناً وتحريراً.

الشيخ صالح ظاهرة وتاريخ وتجربة في (الإدارة الصحفية) تستحق التوثيق والتسجيل، وهذا التسجيل مسؤولية المختصين والمدونين والمحبين، فقد كان مزيجاً بين الحداثة والأصالة معاً، تجده دائماً ملتزماً بوقته، فتراه في الصباح مبتسماً ومشرقاً، وعند المساء متحفزاً كأنك تراه عند الصباح، دائماً مُشع، ومضيء، وترى ذلك بعينيه، من خلال رؤيته للبعيد والطموح والتحديث، الذي كان شاغلاً ومحفزاً لديه، أجل: فالشيخ صالح العجروش، نموذج للوعي الطامح، وهو إداري نادر (للصحافة السعودية)، رحمك الله أبا خالد.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد