Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/01/2008 G Issue 12906
الثلاثاء 21 محرم 1429   العدد  12906
مسرعون.. إلى..؟
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

عند الإشارات المرورية نلحظ أنه حالما تصبح الإشارة خضراء نجد أغلب مَن عندها يطلقون أبواق سياراتهم بشكل متواصل، والبعض مع صوت منبه السيارة المزعج قد يشير بيده لمن أمامه طالباً منه الانطلاق، وكأن هؤلاء خلفهم حريق أو إعصار قادم يرونه رأي العين!

لو تابعت أحداً من هؤلاء إلى نهاية سيره لوجدت نهاية هذا التسرع وقوفاً هادئاً بارداً أمام بيته أو يسبق ذلك مرور على بقالة قريبة من بيته!!

مشهد آخر تراه يومياً على الطرق السريعة كالدائري بجميع الجهات، فترى من يعطي إشارات ضوئية من مسافة بعيدة، وإذا وصل إلى مسافة قريبة منك ولم تُفسح له الطريق لظرف ما فإنه لا يتورع عن استخدام مسار الطوارئ وهو على سرعته الجنونية، وقد يضيف إلى كل هذا السوء بتصرفاته سوءاً أكبر وأخطر، وذلك بالقيام بمناورة بسيارته نحو سيارتك كتعبير عن سخطه عليك لعدم إفساح الطريق له!

ولو كُتِب لك أن تتابع أحدهم لتفاجأت مِن توقُّفه أمام بيته، بل وقد يمكث مدة دقيقة أو دقيقتين داخل سيارته ليُكمل سماع شيء في المسجل أو الراديو!!

وفي مسار آخر من مسارات (السرعة والتسرع) في حياتنا نرى أنه ما إن يحين موعد الغداء المعتاد أو العشاء حتى تتعالى الأصوات هنا وهناك، ما بين منادٍ:

هاتوا الغداء، هل تأتون به من فنزويلا؟

أو صارخ يقول: آتونا سحورنا (كناية عن تأخير العشاء)!!

وإذا قُدّم الطعام فإن هؤلاء (المستعجلين) لا يستغرقون أكثر من دقائق معدودة في تناوله قد لاتصل إلى سبع دقائق تقريباً!!!

وكل هؤلاء (المتعجلين) في طعامهم، ماذا يفعلون بعد الفراغ منه؟

منهم مَن ينام، ومنهم مَن يجلس أمام التلفاز، ومنهم من يخرج من البيت ليقابل صديقاً في استراحة أو يخرج هائماً على وجهه بلا وجهة محددة!!!

ولعل مشاهد السرعة والتسرع لدينا لا تقف عند حد معين؛ لأن الأمر وصل إلى أنك تجد مَن يجر متحدثاً أو راوياً لحكاية في مجلس جراً بحبل إما برقبته أو بلسانه ليُنهي قصته أو حديثه الذي سماه تهكماً (المسلسل المكسيكي) تعبيراً ًعن طول الحديث!!

هذه أمثلة لبعض مظاهر السرعة والتسرع التي لا أتورع عن تسميتها: بمظاهر التهور والطيش السلوكية في حياة البعض.

لأحبتي المتسرعين أوجه ثلاث رسائل قصيرة جداً تُناسب طبيعتهم المتعجلة والمتسرعة، وهي:

1) قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(إن الله يحب الرفق في الأمر كله).

2) يقول القطامي:

قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون مع المستعجل الزلل

3) إن لم يكن الحلم والصبر سجية فيك أخي المتسرع فاعلم أن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والصبر بالتصبر.

** أمنية قلبية:

ليتنا نسرع ونسارع في الخيرات كما نسرع في أمورنا الاعتيادية التي لا تجلب لنا السرعة فيها إلا النقص والضرر.



Al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد