Al Jazirah NewsPaper Monday  28/01/2008 G Issue 12905
الأثنين 20 محرم 1429   العدد  12905
على (هيصة) الشعر!!

أكثر ما يخيفني في الساحة الشعبية هو وصول الشاعر فيها إلى مرحلة التعدي على كل ما له صلة بالدين وأن يتجاوز بقصيدته أو (بشطحاته) الحدود التي من المفترض أن يقف عندها كثيرا، وللأسف فقد كثرت وانتشرت هذه الظاهرة بشكل مؤلم وبرأيي الشخصي أن الشاعر إما أنه يريد بذلك أن يسير بطريقة (خالف تعرف) ليتم تسليط الضوء عليه وإما أنه يريد بذلك مرضاة الجمهور (بطريقة مرضية) تلك الطريقة التي يجب فيها أن يعلم أنها تهوي به إلى الانحطاط وربما تصل به إلى أن يحمل من تجاوزاته الكثير من الأوزار والآثام، وكله من أجل إرضاء الممدوح أو الجمهور.. وآخر تلك التجاوزات ما ذكره عبد الرحمن الشمري الذي أغرته الشهرة التي قدمها له الجمهور (بتصويتهم) في لقاء حاول فيه التفلسف وكأنه متحدث زمانه ويحمل فكراً نيّراً ليُصدَم المستمعون بحديثه عن البرنامج (الماركة) عندما قال جملته: (قل آتوا بمثله إن كنتم صادقين) ألا يعلم أن القرآن أسمى وأعظم من أن يتم تشبيهه ببرنامج فيه من الأغاني والتبرج الشيء الكثير، غير انه وقع في تحريف كبير فما ذكره كآية يستشهد بها لا وجود لنصها أبدا في القرآن الكريم، وقد بحثت كثيرا حتى أيقنت أنها غير موجودة!!

وما يغيظني هو أن الجمهور يصفق من دون أن يكون له رد فعل أو دافع ولو من باب الحمية، والأمر لا يتوقف عند شطحات اللقاءات ولكن وصل الحال إلى القصائد التي أجزم بأنه لو صدح الشاعر بقصيدة يسب فيها الجمهور بطريقة مخبأة وملغمة لوجد الضحكات والهتافات، مما يجعلنا نتيقن أن أغلبية الجمهور مؤخرا لم تعد تستهويه القصائد الجزلة والعفيفة الراقية، فالأغلبية منهم اصبحوا الآن ينافسون جمهور الفن والطرب يريدون أن يتحول المسرح إلى (هيصة) و(مناقز)، حتى انه بمجرد أن يصفق أحدهم يتهافت المصفقون بشكل تقليدي جارف بطريقة (مصفق مش فاهم حاجة)، ولقد ضحكت كثيرا أثناء متابعتي لإحدى تصفيات برامج الشعر يوم الجمعة الماضية حينما قال الشاعر بيتين وصفق الجمهور له، وبعد أن انتهى التصفيق قام الشاعر (بحسن نية) وأعاد البيتين (ربما لتعود له الذاكرة) فتفاجأت أن الجمهور صفق مرة ثانية بعد البيتين المذكورين آنفاً. لأترك البرنامج ولسان حالي يقول جمهور التصفيق يحتاج إلى (تصفيق).

عبد الله سليمان العمار - القرائن


m3asa@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد