ثمانية وعشرون عاماً من عمر الورود مضت.. كنت أقضيها كالنحلة أو الفراشة في رحاب التعليم والتطوع في العديد من الجمعيات الخيرية.. تارة أرتقي لمصاف التخطيط والإشراف والمتابعة.. وتارة أخرى أشارك في التنفيذ وثالثة أختلي بنفس وأبتعد فلا يعجبني هذا ولا ذاك. ورابعة وخامسة وسادسة توصد الأبواب والنوافذ وحتى الثقوب في وجهي خوفاً على بُسط الرؤساء من نسمة عليلة قادمة.. تباً لهم أما علموا أنها نسمة وليست رياحا.. وما علموا أن المطر والخير مصاحبان لتلك الفراشة التي لاتحمل.
أجنحتها الأمن والاطمئنان والحب.. وأن بسطهم ستثبت أكثر لو فتحولها منفذاً واستنشقوا نسائمها بحب.
ثمانية وعشرون عاماً هي سنوات قضيتها في محافظة يحبها قلبي من أجل أبنائي، ثمانية وعشرون عاماً شاركني فيها قلب نابض بالحب الصادق والخير لكل الناس يشد من أزرى.. يأخذ بيدي.. يشجعني على الاستمرار في طموحي لبناء الإنسان الصالح.. وفجأة يختفي هذا القلب.. بل يتوقف وليختفي..
وفجأة أفقده بسبب توقفه.. وأفقد معه كل عطاء وكل خير وكل طموح فأنزوي.. فيتوقف مع انزوائي كل من كنت أظن أنهم أوفياء. وبعد ثمانية وعشرين عاماً من الكفاح.. وتحدي الصدمات.. يشاء الله أن يعيد لي الاستقرار النفسي والعاطفي فتغزو حياتي من تنسيني جميع ما مضى..فمعك يا جمعية عنيزة النسائية الخيرية أنا أرمي حقائبي (في بحر لجي) كما قالت كاتبتنا فوزية النعيم (ومعك يا من غزوت حياتي بعد انتظار طال أريد أن أهدأ وأريد أن استكين). فهلاً حققت لي ذلك؟.