يعد الأمن في بلادنا عنوان الحياة العامة وأساسها، إذ يقول الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}
وظل هذا الأمان يسود بلادنا خلال عصورها المختلفة، إلا أنه وفي السنوات الأخيرة ابتلى الله معظم البلدان، ومنها بلادنا ببعض الشباب الذين وقعوا فريسة للأفكار الهدامة، والفتاوى الباطلة، والأهواء الشيطانية، الذين سولت لهم أنفسهم أن يعقوا وطنهم وأهليهم ومجتمعهم، وبكل الحكمة والحزم واجهت مملكتنا الحبيبة منذ الوهلة الأولى هذا الخطر الذي يمكن أن يتحول من شرارة صغيرة إلى نار تأتي على الأخضر واليابس، مقدمة الحوار الإيجابي لتصحيح المفاهيم والأفكار المضللة عن طريق العلماء الأجلاء الذين أوضحوا ما يمكن أن يقع فيه البعض من خلط أو لبس في بعض المواقف والظروف، وفي مقدمة هؤلاء العلماء سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ - حفظه الله، الذي أوضح موجبات الجهاد وألقى الضوء على الفتن التي تترتب على خروج الشباب من أوطانهم تحت ذرائع متعددة اختلط فيها الحابل بالنابل.
ورغم صعوبة هذه الأوضاع، والاستثناءات التي شهدتها دول عديدة، كانت المملكة الأكثر سيطرة عليها، والأسرع حسماً لها والوقوف أمامها بقوة وعقلانية وحكمة، فتراجع من تراجع من الشباب الذين أدركوا برجاحة العقل ما وقعوا فيه من خلط أدى إلى الوقوع في الخطأ، وتحفظ رجال الأمن على من لم يراجع نفسه منهم، وقتل من سولت له نفسه أن يوجه السلاح إلى صدور المدنيين الأبرياء ورجال الأمن الأوفياء.
وظلت الجهود الأمنية المبذولة لتحقيق الأمن على أعلى المستويات، وظل عنصر الأمن على رأس أولويات ولاة الأمر - يحفظهم الله، وبمتابعة دؤوبة وتخطيط سديد من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز ومساعديهم الذين يبذلون الكثير من الجهود ليظل الأمن الوطني والاجتماعي بالصورة التي تلبي التطلعات وتحقق الطموحات وتفي بتوجيهات قيادتنا الرشيدة.
وفي الميدان، وفي مواجهة التحديات الأمنية، تبدو القدرات الأمنية الفكرية الشابة لصاحب السمو الملكي الأمير الشاب محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الذي تابع وباشر عن قرب العمليات الأمنية التي تعمل على تجفيف منابع الإرهاب، وكذلك عمليات تأمين ضيوف المملكة حجاج بيت الله الحرام الذين تصل أعدادهم الملايين، ليؤدوا نسكهم في غاية الطمأنينة والسكينة والسلامة والأمن، في أكبر تجمع ديني سنوي يشهده العالم.
والآن ونحن في بداية عام جديد، نسأل الله عز وجل أن يجعله زاخرا بالرخاء والأمن والاستقرار، وأن يديم نعمة الأمن والأمان على بلادنا، لا شك أن جهود رجال الأمن البواسل وفي مقدمتهم رجل الأمن الأول سمو وزير الداخلية، ستتواصل أكثر قوة وصلابة، لأن نتيجة جهود العام المنصرم - ولله الحمد - كللت بالنجاح التام، حيث أفشلت كل مخططات الشر، وكشفت مؤامرات أعداء الدين والوطن بل أعداء المجتمع والإنسانية، أعداء السلام والأمن والاستقرار في كل مكان.
ولقد رأينا جميعا، ورأى العالم من حولنا، كيف أن تعاون أبناء هذا الشعب المسلم الأصيل ويقظة رجال أمننا البواسل بعد توفيق الله عز وجل، قد أحبطت المخططات التي أريد بها أن تفسد على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بهجة قضاء حج هذا العام بأحسن ما يتوقعه الناس، فأعين الحراس لا تنام وعين الله ترعاهم، (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيله)، وعيون رجال الأمن تحرس في سبيل الله لأنها تحرس دولة الإسلام، وأبناء الوطن الأوفياء، والمقيمين على أرضنا الطاهرة، وضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار وغيرهم ممن تطأ أقدامهم أرض هذه البلاد التي كرمها الخالق سبحانه وتعالى بوجود الحرمين الشريفين عليها.
ولم تكتف حكومتنا الرشيدة بتوجيه الضربات الاستباقية وتحييد قوة عصابة الشر والقبض على المئات من عناصر الفئة الضالة، بل كرمت شهداء الواجب من خلال تكريم أبنائهم وأسرهم وذويهم وتقديم التسهيلات لهم في السكن والتعليم والعلاج وتأمين دخل مجز وحياة كريمة، بل والأكثر من ذلك التكفل بحج من أراد أداء الفريضة منهم على نفقة وزارة الداخلية، في دلالة واضحة على أن الدولة تضعهم في مقلة العين تكريما لمن قدموا أرواحهم الطاهرة من أجل الدين والوطن، الذين أبلوا بلاء حسنا لحماية الأرواح والأعراض والممتلكات.
وبتلك الجهود الملموسة النتائج، كان دور أميرنا الشاب محمد بن نايف واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، كانت خبراته وخططه الأمنية تسبق مخططات عصابة الفئة الضالة وتقضي على أحلامهم، ليعزز الثقة الغالية به ويؤكد المرة تلو الأخرى أنه موضع ثقة ولاة الأمر وأنه جدير بها، وقادر على التصدي لأداء أصعب المهام، وهي تأمين الأوضاع لينام الناس ملء جفونهم ويسهر رجال الأمن على أمنهم وراحتهم، ويجد الأمير الشاب ورجال الأمن البواسل راحتهم الحقيقية حينما يكون الوطن وكل من يمشي على ترابه في أمن وأمان.
لقد أنفقت الدولة الأموال وبذل حماتها الأرواح الغالية، فكلفة الأمن والأمان ليست زهيدة، لذا نسأل الله عز وجل أن يثوب هؤلاء الشباب الذين غرر بهم واعتنقوا تلك الأفكار الهدامة وأن يثوبوا إلى رشدهم وأن يفيقوا قبل فوات الأوان، وألا يتحملوا أوزارا فوق أوزارهم ويسفكوا دماء بريئة تكون في أعناقهم يوم القيامة، وأن يعودوا مواطنين صالحين إلى صفوف شبابنا الأوفياء.
أدام الله نعمة الأمن والاستقرار والخيرة والوفرة والرخاء على بلادنا العزيزة الغالية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله وسمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز والشكر مكلل بأكاليل الورود موصول لسمو الأمير محمد بن نايف - وفقه الله فيما يصبو إليه من رفعة هذا الوطن وإحلال الأمن والطمأنينة على أرضه، وجعل مملكتنا الحبيبة دائماً موئلا للخير والأمان.