تحليل - فهد الحربي
تعرض السوق بداية الأسبوع الماضي لموجة هبوط عنيفة، نتيجة لمتغيرات قوية على المستوى الخارجي، مما أثر على أداء السوق بشكل مباشر وقوي، نتج عنه خسارة كبيرة للسوق خلال فترة وجيزة.
ولو تأملنا هذا الهبوط لرأيناه لم يخل من عنصري المفاجأة والقوة، المفاجأة التي تظهر في سرعة الهبوط وحدته، والقوة التي تظهر في كميات البيوع الكبيرة التي نفذت خلال ذلك النزول.
عنصر المفاجأة دائماً ما يصحبه ارتداد قوي معاكس يعادل قوة الهبوط أو قريباً منها، إن كان السوق في حقيقته لديه القابلية لامتصاص هذه الأخبار المفاجئة أو لا تمسه بشكل مباشر، بينما قوة الهبوط المصحوبة بكميات بيوع كبيرة، هي ما يشكل أرقاً حقيقياً على مسار السوق على المدى القصير، فالتخلص من كميات كبيرة بتلك الأحجام التي رأيناها مطلع الأسبوع الماضي، ليس من السهولة الحصول عليها بين عشية وضحاها، خصوصاً إن كان التخلص منها بناء على خبر لا يخلو من الغموض، وارتفاع كميات البيع بشكل كبير، هو ما يضع لنا تفسيراً منطقياً لتأخر السوق السعودي في الارتداد كما حصل مع بقية الأسواق المجاورة، حيث ظهر بارتداد ضعيف بداية الأمر ليومين متتاليين (الأربعاء، السبت) ثم بعد ذلك عاد ليصعد بقوة كما حصل هذا أمس الأحد.
كان للأثر النفسي لتلك الأخبار السلبية المتعلقة بالاقتصاد العالمي، أثر واضح على أداء المتداولين خلال الأسبوع الماضي والتي تظهر في قوة البيوع كما سبق، ومما يميز السوق السعودي عن بقية أسواق المنطقة الناشئة، هو كثرة المتداولين، مما يجعل للشائعة رواجاً بشكل كبير وتأثير أكبر، وكذلك يجعل للحالة النفسية التي يكون عليها المتداول من الخوف والطمع أثر واضح على حركة السوق، وهذا ما يفسر التذبذب الحاد في الأداء بشكل دائم خلال العامين السابقين.
وبالنظر إلى تلك الأسباب التي أدت إلى هبوط السوق بتلك الصورة، كما هو حال الكثير من الأسواق الأخرى، نرى بأنها تتعلق بتوقعات ببطء الاقتصاد الأمريكي وتعرضه لركود إضافة إلى ما يعانيه من ركود حالي، وجميع الاقتصاديين لا يستطيعون الجزم بصورة مطلقة بحجم الأثر الذي قد يولده هذا الركود على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى أسواق المال بشكل خاص، والجميع يبحث عن الحلول والبدائل التي قد تخرج الاقتصاد العالمي من المأزق الذي أحاط به، ولكن في المقابل نجد أن الجميع تقريباً يكاد يتفق على أن الأسواق الناشئة بما فيها السوق السعودي وأسواق المنطقة بشكل خاص، سوف تكسب الرهان في نهاية المطاف، وسوف تكون بديلاً جيداً لسيولة قد تخرج من تحجم الاقتصاد الأمريكي المترهل، أو تحجم عن الاندفاع إليه، ولك أن تقيس عليه عددا كبيرا من الاقتصاديات الكبرى المشابهة للاقتصاد الأمريكي في قوة التأثر بالأزمة الحالية.
وهذا التصور وإن كان له تأثير إيجابي على السوق السعودي على المدى الطويل أو المدى المتوسط، ولكن من الصعوبة الجزم به على المدى القصير، مالم نر أداء مقنعاً للسوق خلال الفترة القادمة.
السوق السعودي فنياً بعد إغلاق أمس
بالنظر إلى إغلاق الأسبوع الحالي، نجد بأن المؤشر أغلق بالقرب من نقطة: 9736، وهي ما يعادل 50% من تصحيحات فيبوناتشي، وهي نسبة تصحيح جيدة جداً، إذا ما رأينا أن السوق أنهى موجته الثالثة الصاعدة واتجه لتكوين الموجة الرابعة الهابطة في مساره العام الصاعد. وبالنظر إلى الشارت اليومي (الديلي) نشاهد السوق حقق أقل إغلاق له عند نقطة: 9338، قريبا جدا من مستوى 61% من تصحيحات فيبوناتشي، والتي تعادل: 9274، مما يدعم اكتفاء السوق بالقيعان التي حققها خلال هذا الأسبوع، وبالتالي انتهاء موجة الهبوط الحادة التي تعرض لها، أمر من الصعوبة الجزم به، خاصة مع عدم انتفاء المؤثرات الخارجية بشكل عام، ومع سبق بيانه من سرعة التذبذب النفسي للمتداولين داخل السوق، وأيضا مع عدم وجود محفز قوي ظاهر يدعم السوق على المدى القريب، وكذلك مع وجود بعض المؤرقات التي سنتطرق لها لاحقا بإذن الله.
ولكن مع هذا كله تظل نظرة فنية قوية يدعمها عدد من الأمور سنستعرضها فيما يلي:
أولاً: وصول المؤشرات الفنية على المدى اليومي (الديلي) إلى مستويات متدنية جدا تدل على تشبع السوق من البيع.
ثانياً: وصول المؤشر إلى هدف النموذج السلبي المتكون على القمة السابقة وهو نموذج القمم المتكافئة، والذي ظهر على الشارت اليومي بشكل ظاهر جدا، وكان هدفه عند: 9133، وهو قريب جدا من أقل نقطة حققها المؤشر.
ثالثاً: ارتداد المؤشر من متوسط 200 يوم بسيط، بعد أن كسر متوسطات مهمة وهي متوسطي 100 و50 يوماً، ولا شك أن لمتوسط 200 يوم قوة خاصة، ولم يكن اختراقه للأعلى بالأمر السهل لكي يتم كسره بتلك السهولة التي قد يتخيلها من كان يتابع قوة الهبوط خلال الأيام الماضية.
رابعاً: وهو من أهم ما يجب أن نركز عليه، هو وصول عدد كبير من الأسهم إلى أسعار متدنية جدا ومغرية للسيولة التي تتابع مسار السوق سواء من الشركات القيادية أو من الشركات القوية ذات الأرباح العالية، وكان نزولها تصحيحاً للمسار الصاعد القوي بنسب جيدة جدا ومغرية.
جميع هذه الأمور تجعل القول بانتهاء السوق بالقاع الذي تكون له خلال هذا الأسبوع قولا لا يخلو من قوة.
ولكن يجب التركيز أيضا إلى أن القول باكتفاء السوق بالقاع الحالي، ليس معنى ذلك دخول السوق في موجة صاعدة مباشرة، فالسيولة التي خرجت كما سبق بحاجة لمزيد من الوقت للدخول من جديد، وهذا ما يدعم التوجه العرضي للسوق خلال الفترة القادمة.
بالنظر إلى حركة السوق وسلوكه خلال أيام الأسبوع الماضي ابتداء من يوم الاثنين حتى يوم أمس، نجد بأن السوق بدأ بخروج سيولة وهبوط قوي، ثم هبوط أكثر قوة، ثم استقرار في القاع، ومن ثم ارتداد في نهاية الأسبوع، وهذا الارتداد القوي في نهاية الأسبوع يدعم التوجه الإيجابي للسوق بداية الأسبوع الحالي والمتمثل في يومي الاثنين والثلاثاء، وليس من الضرورة أن يكون بنفس القوة حتى نهاية الأسبوع.
لكي نطمئن للاتجاه الصاعد على المدى القصير للسوق يجب أن يغلق السوق مع نهاية تداولات الأحد القادم بإذن الله أعلى من 10765، وهي نقطة مقاومة قوية جدا. وتبدو للنظرة الأولى صعبة المنال والله أعلم.
نظرياً: نجد بأن السوق كون قاعاً صاعداً جيداً يدعم القاع السابق له المتكون عند: 7724، وفي حالة اكتفائه بهذا القاع فهذا يدعم التوجه لتكوين قمة صاعدة على المدى المتوسط أعلى من 11746 .
أهم المؤرقات التي تؤرق السوق خلال الأسبوع القادم:
أهم ما يؤرق المتداولين خلال الأسبوع القادم هو تداول شركة أنعام القابضة من خلال سوق جديد وبطريقة جديدة لم يعهدها المتداولون خلال الفترة الماضية، مما قد يكون له انعكاس سلبي على عدد من الشركات المشابهة لها، وربما لا يخلو أثره على عدد أيضا من شركات السوق. وما قد يتخيله المتداولون من تنظيمات قد تصحب تداولها خلال الأسبوع القادم.
كذلك الإغلاق أقل من 9268، يعد مؤرقاً فنياً للمضارب لو تم نهاية الأسبوع القادم والله أعلم.
ملخص ما سبق
فنياً يبدو أن السوق اكتفى بقاعه الحالي المتكون عند إغلاق 9338، ولا يمنع هذا من عودة السوق لاختباره من جديد، أو تكوين قاع صاعد مساعد قريبا منه. ويحذر المضارب فيما لو أغلق السوق نهاية الأسبوع الحالي (الأحد القادم) أقل من 9268 . وفيما لو اخترق المؤشر: 10765، فهي إشارة إيجابية إلى التوجه الصاعد للسوق، وحتى ذلك الحين يظهر التوجه العرضي للسوق خلال الأسبوع القادم والله أعلم.
* (التحليل الأسبوعي بناء على السنة المالية وهي سنة ميلادية وليست سنة هجرية تتكون من أشهر وأسابيع، والأسبوع يبتدئ من الاثنين وينتهي بالأحد، وتحليل السوق أسبوعياً بهذه الصورة يساعدنا على تحليله شهرياً وربع سنوي وسنويا بصورة منطقية، بعكس ما لو اعتمدنا على الأسبوع الهجري فإننا نواجه عائقاً في التحليل الشهري والربع سنوي والسنوي، وهذا ما يجبرني على كتابة التقرير الأسبوعي ابتداء من الاثنين وانتهاء بالأحد).