«الجزيرة» - شيخة القحيز
أقام المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرياض ملتقاه الأدبي الشهري لشهر ذي الحجة 1428هـ، بعنوان (الاتجاه الإسلامي في الرواية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، للدكتور علي بن محمد الحمود الأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد أدار اللقاء الشاعر الأستاذ يوسف الدوس، وحضره مجموعة من الأدباء والمثقفين وجمهور من المهتمين، وعدد من محرري الصحافة الأدبية.
واقع الرواية العربية
تحدث المحاضر في بداية اللقاء عن واقع الرواية العربية، فقال: ظهرت الرواية العربية في نهاية القرن التاسع عشر الهجري وبداية القرن العشرين، وكانت بداياتها مقبولة إلى حد ما في عدم مصادمتها لعادات المجتمع العربي الإسلامي وتقاليده.
وفي منتصف القرن العشرين ظهر تأثير كبير للأدب الغربي في أدبنا عامة، والرواية خاصة، كما ظهر تأثر الرواية العربية بالواقعية الاشتراكية، والوجودية، وطغى الجنس على مضمون كثير من الروايات، وأشار المحاضر إلى بعض الروايات التي خالف مضمونها ثوابت الأمة، وتحدث عن سيطرة اللهجات العامية على لغة الحوار في بعض الروايات.
الرواية الإسلامية مطلب العصر
وفي حديث المحاضر عن الرواية في دول مجلس التعاون الخليجية بين أن الأثر الأكبر في الرواية الخليجية تمثل في انتشار الرؤية الحداثية: مضموناً وشكلاً في بعض الروايات، وبدا ذلك في الخروج على قيم المجتمع، وأشار المحاضر إلى نشاط الحركة الروائية في دول مجلس التعاون الخليجية بعد حرب تحرير الكويت، إذ أصبحت الرواية من أكثر الأجناس الأدبية جذباً للكتاب، فبرز في الساحة الأدبية مجموعة كبيرة من الكتاب الذين عرفوا في مجالات أخرى كالشعر والقصة القصيرة، واتجه إليها بعض أساتذة الجامعات، ومن هنا نشأت حركة روائية نشطة.
موضوعات الرواية الإسلامية
توقف المحاضر عند بعض الموضوعات التي اتخذت منها الرواية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجية مادة لها، ومنها رواية ساحل الأبطال للكاتب الإماراتي علي محمد راشد التي تحدثت عن مرحلة حاسمة من تاريخ المنطقة، وتوقف عند تجربة الكاتب السعودي فهد بن ناصر الجديد مع الرواية التاريخية، وقد أصدر ثلاث روايات، هي: أيام الرشيد ولياليه، تحدث فيها عن سيرة الخليفة العباسي هارون الرشيد، وعلت راية التوحيد، وحاكى فيها سيرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمه الله تعالى)، وجئت يا عبدالعزيز، وخصها بالحديث عن سيرة الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه).
وأشار المحاضر بعد ذلك إلى بعض التجارب الروائية التي صدرت مؤخراً، مثل روايات الدكتور الأديب والناقد عبدالله العريني الذي أصدر تباعاً ثلاث روايات، هي: دفء الليالي الشاتية، ومهما غلا الثمن، ومثل كل الأشياء الرائعة.
الرواية والقضايا الفنية
ناقش الباحث قضية مهمة تتمثل في الفهم الخاطئ عند بعض من يتصدى للرواية الإسلامية، ظانين أنها تهتم بالمضمون وتهمل الجواب الفنية، وأشار إلى تعريف الأدب الإسلامي الذي مفاده أن الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الكون والحياة والإنسان وفق التصور الإسلامي، ويلحظ أن في هذا التعريف تقدم للجوانب الفنية على المضامين والأهداف.
وأشار المحاضر إلى بعض العناصر الفنية التي تميز الرواية الإسلامية، ومن العناصر التي وقف عندها:
1- الصراع، وهو عنصر أساس في الرواية، وفي الرواية الإسلامية تتمثل حقيقية الصراع في أنه - في جميع صوره وأشكاله - لا يعدو أن يكون صراعاً بين الحق والباطل.
2- والنهاية في الرواية الإسلامية تتفق مع الرؤية الإسلامية، إذ النصر والعاقبة للمتقين، وإن لم يكن ذلك في الدنيا، فعندما يسقط المسلم في ميدان المعركة دفاعاً عن دينه ووطنه وعرضه وماله، فإنه شهيد - بإذن الله -، أما في الروايات الأخرى فموت البطل يعد نهاية حزينة مأسوية.
3- اللغة الفصيحة هي اللغة الغالبة على الرواية الإسلامية، وأشار المحاضر إلى بعض الروايات العربية التي طغت العاميات على لغة الحوار فيها، مثل روايات عبدالرحمن الشرقاوي، ومنها: (الفلاح والأرض)، وبعض روايات الطيب صالح، مثل (عرس الزين). وفند بعض الحجج التي احتجوا بها والمتمثلة في إضفاء مزيد من الواقعية، وأشار إلى أن الواقعية تتحقق في مناسبة الحوار للشخصية ثقافيا واجتماعيا ونفسياً.
4- وتوقف المحاضر عند التوجيه المباشر وغير المباشر، ودافع عن التوجيه المباشر الذي عده بعض النقاد من عيوب الرواية الإسلامية، وأكد أهمية الاستعانة بكل الوسائل الممكنة في تحقيق الغايات الفنية والموضوعية، وإن كان الأسلوب غير المباشر أكثر وقعاً في النفس، وهو الأقرب لطبيعة الأدب.
نافذة على الحوار
وفي نهاية الملتقى جاء دور الحوار إذ بدأ بسؤال عن تأثير المذهبية الدينية في الرواية الخليجية، ورد المحاضر بأنه لم يلحظ ذلك فيما قرأ من روايات. أما الدكتور عبدالله العريني فقال: تتهم الرواية الإسلامية بأنها رواية مضمون، وهذا غير صحيح، وأشار إلى تركيز الروايات الأخرى على الجنس. وأشار الدكتور وليد قصاب إلى مقولة إن هذا العصر يسمى عصر الرواية أو زمن الرواية. كما أكد أن الرواية العربية الحديثة رواية منحرفة منذ بداية نشأتها، لأنها أخذت الكثير من القيم الغربية. وسأل الأستاذ غالب العتيبي عن: كيف نميز بين الرواية الإسلامية وغيرها؟ وما الأدوات الفنية التي تميز الرواية الإسلامية؟ كما شارك بالأسئلة والمداخلات الأديب خليل الصمادي، والشاعر جبران سحاري.