يحظى التدريب أثناء الخدمة والموظف أوالمعلم أو حتى المدرب والمدير على رأس العمل بأهمية بالغة في نظر صناع القرار اليوم خاصة ونحن جادون في السير الحثيث نحو التطوير والإصلاح، خاصة ونحن نعيش في عصر العولمة المتسارع، ولذلك فقد حظيت ستراتيجيات التدريب باهتمام خاص من قبل المنظرين والمخططين للتطوير في عدد من الوزارت المعنية ببناء الإنسان وتطوير مهاراته ومعارفه التخصصية ذات الصلة المباشرة بطبيعة عمله.
ومع احترامي الشديد لكل الجهود التي تبذل والأموال التي تهدر من أجل رفع كفاءة العاملين في الميدان التنموي/ الحكومي وذلك بإلحاقهم بدورات متخصصة سواء في مراكز تدريب تتبع القطاع الخاص أو معاهد حكومية معنية بالتدريب وتطوير الأداء داخلية كانت أم خارجية.. مع احترامي الشديد لذلك كله فإن أثر هذه الجهود على واقع مؤسساتنا الحكومية خاصة الإدارات المتوسطة وبكل صراحة ووضوح ضعيف جداً إن لم يكن معدوماً تماماً وهذا رأي انطباعي أولي لا أملك عليه دليلاً علمياً مبنياً على دراسة ميدانية متخصصة ولكنه ليس رأياً شخصياً ذاتياً، بل هو رأي عدد ممن أعرفهم التحقوا بدورات تدريبية من أجل اكتساب مهارات متطورة في مجال عملهم ثم عادوا إلى مكاتبهم، وفي مقار عملهم اصطدموا بالواقع الذي لا يقبل التغير ولا حتى التطوير البسيط باستثناء إدخال الحاسب الآلي في كثير من الأعمال المكتبية ولدى البعض وليس الكل من دوائرنا الحكومية، ولذا أعتقد أن أنسب أسلوب تدريبي لواقعنا الميداني المعروف لدى الكثير منكم خاصة التعليمي/ التربوي هو ما يعرف ب(أسلوب التدريب في مكان العمل)، والذي يستند بكل بساطة إلى التغيير في رؤية ومفاهيم التعلم والتدريب بحيث يصبح التعلم والتدريب والعمل أنشطة غير منفصلة وبالتالي تصبح بيئة العمل هي بيئة التدريب مما يتيح انتقال أثر التدريب مباشرة إلى مكان العمل وبالتالي يتناقص الهدر في المعارف والمهارات المكتسبة.
ومن ثم فإن التدريب في مكان العمل يؤكد على عملية الدمج بين بيئة العمل وبيئة التدريب مما يساعد - كما يذكر أهل الاختصاص - على:
- تأثر التدريب في المكان بالمتغيرات المؤسساتية الداخلية والبيئة الخارجية المتغيرة أيضاً.
- اهتمام التدريب في المكان بتحقيق مفهوم التدريب على المدى القريب من خلال مقابلة الأداء الوظيفي لمعايير المهام والمكان.
- التحول من التركيز على احتياجات المتدرب (الفرد) إلى التركيز على احتياجات التدريب لمجموعة معينة من المتدربين من جانب ولفرق العمل من جانب آخر (الاحتياجات المشتركة والأهداف العامة).
- ارتباط التدريب في المكان بالقدرات المعرفية للمتدربين أكثر من ارتباطه بالسلوكيات المتعلقة بوظيفة ما للمتدرب.
ومن المتوقع وبنسبة كبيرة أن يكون للتدريب في مكان العمل أثر مباشر في تحسين الأداء أثناء العمل وتشجيع مزيد من التعاون بين العاملين فضلاً عن أثره في تواصل المناطق النائية بالخبرات الخارجية من خلال شبكة اتصال ثنائية الاتجاه تتميز بالتنوع والمرونة الكافية لمواجهة متطلبات التدريب على رأس العمل، كما أن التدريب في مكان العمل يساعد على تقليل النفقات والوقت المرتبط بالاستعانة بالخبرات الخارجية لإحداث التنمية المهنية للقوى البشرية.. إنها مجرد دعوة لمحاولة تحقيق التوافق بين التدريب وبيئة العمل، والأمل كبير بأن تجد هذه الدعوة أذناً صاغية وتخضع للتجربة الميدانية ومن ثم التقويم والتغذية الراجعة خدمة للوطن وضماناً للتطوير والتغيير المدروس والمبني على أسس علمية رصينة.