(1)
أحمد الله أولاً أنني لست ممن يحملقون باشفاق بكرة وعشياً في شاشات الأسهم متابعة للمضاربات ونتائجها، الخضراء منها والحمراء، وأحمد الله ثانياً، أنني لم أكن من بين ركاب (سفينة الأسهم) التي تعرضت لعواصف قاصمة للظهور قبل الجيوب فأنا لا أعرف من (قواعد) لعبة الأسهم شيئاً، بل لا أريد أن أعرف عنها شيئاً، بعد أن سمعت ما يتردد إشاعة على كل لسان عن وجود خلل مافي (سوق الأسهم) مقترناً بشيء من الفوضى في تعامل الجمهور مع الأسهم يهزم خططهم وأحلامهم، إلا من رحم ربي، ولذلك، آثرت الإنفراد بنفسي بعيداً في شرفة المتفرجين على المضاربين و(المضروبين)، (أعزي) من خسر، وأهنىء سواه بالنجاة!
***
* من جهة أخرى، رغم فهمي البائس ل(كيمياء) سوق الأسهم، إلا أنني اعتقد أن ما حدث ويحدث في هذا السوق ليس الفريد من نوعه في العالم، فسوق الأسهم في كل مكان معرض للصعود والهبوط في أي لحظة، تبعاً لسياق الأحداث في البيئات الاقتصادية والسياسية المحيطة به، ويبدو أنه إذا لم يحدث شيء فعلي يعطل مسار السوق أو يعوقه، لفترة قد تطول أو تقصر، فإن (الإشاعة) أحياناً قد تدخل الساحة فجأة لتحدث ردات فعل لدى المضاربين بين مشتر وبائع وتكون النتيجة ذبذبات خطيرة يستفيد منها القليلون ويخسر بسببها الكثيرون!
***
* ويبدو أن (الإشاعة) تفتعل أحياناً افتعالاً من قبل بعض (هوامير السوق وأذكيائه) لتحدث فيه هزات يحصدون نتائجها في نهاية اليوم، وإذا كان لي من نصيب في (سوق النصيحة) لفرسان الأسهم، الفائز منهم والمهزوم، فهي ألا يصدقوا كل شاردة وواردة مما (يشاع) داخل السوق أو خارجه، وألا يستعجلوا في اتخاذ قرارات البيع أو الشراء عشوائياً إلا عندما يتوفر لديهم قدر من اليقين بأن الخطوة القادمة ضرورية ومجدية!
***
(2)
* وهناك، على صعيد آخر قدر من اللغط واللغط المضاد حيال ما تبثه بعض شاشات الفضاء من مواد يختلط فيها الغث بالسمين، والصالح بالطالح، وهناك من يغلو في الحكم على مخرجات بعض تلك الشاشات بالظن أن المجتمع يواجه (مؤامرة) من نوع ما للنيل من قيمه وثوابته.
***
* وتعليقاً على ذلك أقول:
أولاً: دعوني أتساءل: لماذا يصنف بعض حصاد الشاشات الفضائية بأنه (مؤامرة) على الوجدان العربي من أجل سلخه عن هويته؟ ولماذا الوجدان العربي وحده؟ أليس من الجائز القول أن ما تحمله بعض هذه الشاشات من ضرر، يهدد هوية الوجدان الإنساني قاطبة، شرقية وغربية، عربية وأعجمية؟!
***
ثانياً: إذا كنا نحن معشر العرب، نرى في هذا الحصاد (مؤامرة) للإطاحة بهويتنا، فقل لي كيف ننقذ (وجداننا) المصون من ذلك الخطر؟ ثم، ألسنا (شركاء) في صنع وعرض كثير من الغثاء الذي تبثه بعض تلك الشاشات، وأننا لسنا في كل الأحوال (متلقين) فقط لما يصنعه إعلام الغرب، حين يتبع بعضنا فتنة التقليد لما تبثه بعض قنوات الغرب غثاء!!
***
ثالثاً: من الذي جنى على الأغنية العربية، فجردها من عفتها وهيبة النغم فيها؟ أنحن العرب أم الغرب؟ من الذي ابتدع صرعة (السح الدح)و(الإيقاع الراقص) الذي يهز الخصر لا الوجدان؟ أنحن العرب.. أم الغرب؟!
***
رابعاً وأخيراً: ماذا يفعل رواد الفن ومنتجوه وممولوه ومخرجوه إذا كانت الشريحة الشابة في الوطن العربي، وهي (المستهلك) الأكبر لمنتجات الفن مسموعة ومرئية، تفضل الألوان التي يعترض عليها السؤال، ويعتبرها (مؤامرة) على الوجدان العربي؟! إن الفن المعاصر في مفهومه وممارسته، ليس كله إبداعاً بقدر ما هو (بزنس) يخضع لديناميكية السوق وآلياته عرضاً وطلباً، ولذا فلن نستغرب أو ننكر رد فعل فنان أو منتج لفن ما حين يواجه بهذا السؤال، فيرد قائلاً: لا تلمني.. ولُم السوق. (المستهلك يريده كذلك)!!