* هيا بنا ناكل.. أو نواصل التهام المزيد من الطعام خلال سهرات رمضان التي تمتد حتى موعد الإمساك.. ولكن بعد أن نتأمل قليلا بعض الحقائق الغربية والمخفية عن أطعمة التسالي.. عن الياميش والنقل والحلوى الرمضانية.. عن الكنافة والقطايف ولقمة القاضي أو اللقيمات والبقالاوة البسبوسة.. عن الجوز واللوز والبندق.. والكثر الكثير مما لا مجال لحصره.. أو لا ضرورة لحصره.. لأننا جميعاً نعرفه.. وهي حقائق تقودنا حتما إلى ذكر السعرات الحرارية بشكل متكرر.. والسعرات الحرارية هي طريقة تقاس بها الطاقة.. أو المقصود بها محتوى كل صنف من أصناف الطعام من الطاقة.. أي أن السعر الحراري ليس غذاء.. ولكن الغذاء ينتج طاقة أو سعرات حرارية.. وحساب السعرات الحرارية في كل صنف من أصناف الطعام ليس سهلاً.. بسبب تعدد المكونات واختلاف الطاقة الصادرة عن كل عنصر غذائي.. وعلى سبيل المثال فإن الفيتامينات والمياه والأملاح والألياف لا تحتوي على أي قدر من الطاقة أو من السعرات الحرارية.. وفي المقابل فإن جراما واحدا من النشويات أو الكربوهيدرات يحتوي على 4 سعرات حرارية.. وجراما واحدا من البروتينات يحتوي على نفس القدر من السعرات.. فيما يطلق جرام واحد من الدهون 9 سعرات حرارية.. وبما أن أي صنف من الطعام لا يحتوي على عنصر أو مكون غذائي واحد.. بل عناصر متعددة.. فإن حساب السعرات الحرارية في الصنف الواحد يتطلب حسابات عديدة معقدة.
* وفي كتابها (بلا حرمان ولا عذاب ولا دموع.. العلاج الصحيح للسمنة).. تقول الدكتورة نادية نهاد حامد استشارية التغذية: إن عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها كل شخص يتأثر بعوامل عديدة.. منها السن.. حجم الجسم.. الجنس (ذكر أم أنثى).. درجة الحركة أو الرياضة البدنية.. وسرعة استهلاك أو استفادة الجسم للسعرات الحرارية.. وهكذا نجد أن معدلات السعرات الحرارية اللازمة لشخص ما في اليوم الواحد.. يختلف عن آخر.. ويمكن لكل شخص معرفة عدد السعرات التي يحتاجها بالتقريب إذا كان يمارس قدرا معقولا من الرياضة أو النشاط البدني.. وذلك بتحويل وزنه الحالي من كيلو جرامات إلى أرطال عن طريق ضرب الوزن بالكيلو في 2 و2.. ثم ضرب الناتج في 15 بشرط ممارسة الرياضة المتوسطة كالهرولة أو المشي بسرعة لمدة ساعة يومياً أو في 13 إذا لم يكن الشخص المعني يمارس القدر المناسب من الرياضة.
* ولتبسيط الأمر.. فإذا كان وزنك 80 كيلو جراماً، وكنت تمارس القدر المناسب من الرياضة فإن احتياجك اليومي من السعرات الحرارية هو حاصل ضرب 80 في 2و 2 الذي يساوي 176.. تضرب في 15 ليكون الإجمالي هو 2640 أي أنك تحتاج إلى 2640 سعراً حرارياً يومياً.. فإذا تناولت أطعمة تمنحك هذا القدر من السعرات دون أي زيادة.. فهذا يعني أنك سوف تحافظ على وزنك دون زيادة أو نقصان.. أما إذا زاد عدد السعرات على الاحتياج أو على ما يستهلكه الجسم.. هنا تبدأ المشكلة.. البدانة ومتاعبها ومضاعفاتها وأمراضها.
* وما يحدث خلال الشهر الفضيل هو أننا نتناول أضعاف وما تحتاجه أجسامنا من سعرات حرارية.. وعلى سبيل المثال فإن تناول 500 جرام من كميات متساوية من الفستق والجوز واللوز والسوداني والكاجو يمد أجسامنا بحوالي 3115 سعراً حرارياً.. وإذا أضفنا ما نتناوله من طعام عادي في وجبة الإفطار.. وهو لا بد أن يكون دسما وكثيراً حتى نعوض الصيام.. وإذا أضفنا ما نتناوله من حلوى.. وهي دسمة.. ومليئة بالسكر والسمن البلدي والمكسرات والكربوهيدرات والكثير من المكونات الأخرى.. وإذا أضفنا ما نتناوله في وجبة السحور.. فسوف نكتشف أننا نتناول في يوم الصيام من السعرات الحرارية ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تحتاجه أجسامنا.. ولذلك ليس غريباً أن يخرج الكثيرون من شهر الصيام بعدة كيلو جرامات زائدة.. وشكوى من البدانة ومحاولات لانقاص الوزن قد لا تنجح على امتداد عام في إنقاص ما زدناه خلال شهر.. ليهل رمضان جديد.. وبدانة إضافية.
* لماذا لا نبدأ مصالحة حقيقية مع النفس؟.. لماذا لا نستفيد من الجوانب الصحية للصيام؟.. لماذا نربط بين الشهر الفضيل.. وبين الإفراط والاسراف في تناول الطعام؟.. الإجابة عن هذه التساؤلات خطوة مهمة.