الطائف - خلف سرحان القرشي
|
|
|
ضمن فعاليات اللجنة الثقافية لمهرجان سوق عكاظ، أقيمت مساء يوم الجمعة الماضي أمسية شعرية أحياها الشاعران عبدالله جبر وعيسى جرابا وقدمها الشاعر والإعلامي أحمد التيهاني. وبدأت الأمسية بكلمة مقتضبة من الدكتور عبدالرحمن الطلحي عضو اللجنة الثقافية رحب فيها بالحضور وعرف بمقدم الأمسية ودعاه لتسلم المايكروفون، وبدوره قام التيهاني بالتقديم موظفاً فيه حكاية الخنساء الشهيرة مع النابغة الذبياني قائلاً: (لا يهم أن نقول يلمعن أو يشرقن، ولا يهم أن نقول الجفان أو الجفنات، والمهم هو الشعر)، وأضاف التيهاني: (إننا أمام شاعرين من جيلين مختلفين)، وقدم نبذة موجزة عن كل شاعر منهما، وقال: (إن الشعر التهذيبي والأخلاقي لا يكون شعراً إلا مع شاعر مجيد كعيسى الجرابا).
|
جبر: ألمحت إلى غياب الخنساء
|
قبل ثلاثين عاماً غير أنها حضرت اليوم!
|
استهل عبدالله جبر قصائد الأمسية مذكراً الحضور بأنه سبق له قبل أربعة وثلاثين عاماً، وفي مؤتمر الأدباء السعوديين الأول الذي عقد بمكة المكرمة ونظمته آنذاك جامعة الملك عبدالعزيز، أن أبدع قصيدة قال فيها:
|
ناديت: هل هاذي عكاظ؟ فقيل لي: |
برزت لديك جديدة الأزياء |
صدقوا؛ فحين مشيت في جنباتها |
ما صك سمعي صرخة الخنساء |
وأضاف الشاعر أنه كان يشير حينها إلى غياب العنصر النسائي، غير أن الحال قد تغير كثيراً اليوم؛ فللنساء مشاركتهن الفاعلة في مختلف جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والعملية في بلادنا.
|
بدأ جبر قصائده بغزلية لفتح الشهية - على حد قوله - وقال في مطلعها: أجل أنت نبض الحياة.
|
بعد ذلك أمسك عيسى جرابا بزمام المايكروفون مبدياً شكره وتقديره للقائمين على المهرجان، وبالأخص اللجنة الثقافية ورئيسها الدكتور عالي القرشي، وأضاف الشاعر: (نجتمع الليلة على مائدة الشعر؛ فما الشعر؟)، وشرع في قراءة قصيدته التي يقول في مطلعها: قيل ما الشعر؟ واستحال جوابا.
|
توالت بعد ذلك قصائد الشاعرين في ثلاث جولات ألقى كل منهما فيها عدداً من قصائده، ومن القصائد التي ألقاها الشاعر عبدالله جبر: (القاهرة) و(رمضان) و(العبارة)، وهي عن مأساة العبارة المنكوبة، ومن القصائد التي ألقاها عيسى جرابا: (شبح الأربعين) و(جنوح المسار) و(جنون) و(شذى النجوى) و(اعتراف). وبدا واضحاً أن الشاعر عبدالله جبر يحفظ كثيراً من قصائده عن ظهر قلب، كما بدا واضحاً أن لغة الشاعرين سليمة من اللحن، كما أن إلقاءهما مميز، وأضفى على شعرهما نكهة خاصة.
|
أثارت قصيدة شبح الأربعين لعيسى جرابا نقاشاً أثناء الأمسية؛ حيث مازح الشاعر الجرابا زميله جبر بقوله: (إذا كنت أتحدث عن شبح الأربعين فعن أي شبح يتحدث عبدالله جبر؟) في إشارة إلى تقدم سنه، وهنا قال جبر مازحاً: أنا أتحدث عن شبح الثلاثين، وردّ عليه من بين الجمهور صديقه الدكتور محمد بن مريسي الحارثي قائلاً: (ثلاثين مضروبة في اثنين!)، وهنا قال جبر إن الناقد الكبير مارون عبود كان يقول دائماً: (شبابك على قدر طاقتك). وعندما توفي هذا الناقد رثاه الشاعر نزار قباني بكلمة قال فيها: (مات أمس شاب في الثمانين من عمره).
|
جبر: عيب يا قناة أبو ظبي، والله عيب!
|
عاب جبر على قناة أبو ظبي الفضائية في برنامجها أمير الشعراء تحديدها سناً للشعراء المشاركين، وهو بين 20 و45 عاماً، وقال: ماذا يعني هذا؟ هل الشاعر الذي فوق سن الخامسة والأربعين ليس بشاعر؟ كان الأجدى بهم النظر والاحتكام إلى النص الشعري وليس غيره! وأضاف: ومن حسن الحظ أن قناة المستقلة الفضائية لم تضع شرطاً كهذا في برنامج للمسابقات الشعرية.
|
في وسط الأمسية فوجئ الحضور بدخول الشاعرين البحرينيين الكبيرين الأستاذين قاسم حداد وعلي الشرقاوي، وستقام لهما أمسية شعرية ضمن فعاليات المهرجان. وقد رحب بهما مقدم الأمسية باسم اللجنة الثقافية للمهرجان.
|
|
|
في نهاية الأمسية أعطي المجال للمداخلات، وكان هناك اثنتان؛ الأولى للدكتور محمد بن مريسي الحارثي أستاذ الأدب والنقد بجامعة أم القرى وعضو مجلس إدارة نادي مكة الثقافي، واستهل مداخلته بشكر الشاعرين والمنظمين وكذلك الحضور، وقال: (الشعر هو الشعر لا يحتاج إلى معرف يبحث عن رغبات النفوس يطمئن بعضها وينغص على البعض الآخر، يسامر بعضها ويضغط على هموم بعضها، ولعل مرحلة الانفجار بالبوح هي ما ميز أمسية هذه الليلة. عبد الله جبر شاعر معرفة وشاعر اجتماعي وفي شعره جانب السخرية، لكنه حيي في إظهار هذا الجانب، والشاعر ينبغي فعلاً أن يتصف بصفة تلاحقه ويلاحقها في فنه). وأضاف مريسي أن الشاعر عيسى الجرابا قد ضغطت عليه الأربعون فهل تغير الإحساس بالزمن بين الشعراء قديماً وحديثاً؛ ففي عكاظ قديماً كان الشعراء يتحدثون عن الثمانين حولاً أما اليوم فشعراء عكاظ الحاضر يتحدثون عن الأربعين؛ فماذا يعني هذا؟
|
الثبيتي: ثقافتنا من غير عكاظ
|
|
ثاني المداخلات كانت للأستاذ محمد سعد الثبيتي استهلها بقوله: (منذ أن غاب عكاظ قبل 1300 عام وثقافتنا مشلولة بل غائبة، وها هي تعود اليوم بجهود أبناء الطائف، وعبدالله جبر الذي قبل أربعة وثلاثين عاماً كان يلمّح بخوف ووجل إلى غياب المرأة يستطيع اليوم أن ينظم معلقة في هذا الجانب يجدها معلقة في جنبات مهرجان سوق عكاظ كما الحال مع بقية المعلقات. لقد عاد عكاظ اليوم بشعره؛ فالشاعران أبدعا أيما إبداع، والتيهاني - وهو زميل لنا في الإعلام - أبدع أيضاً حيث بدأ بقصيدة وانتهى بأخرى أيضاً).
|
|