الحمد لله القائل في كتابه المجيد:{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، نبي الهدى والرحمة الذي يقول:(إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم. فيقول: قبضتم فؤاده؟ فيقولون نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع. فيقول: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد). ويشاء الله سبحانه وتعالى أن أكون ذلك العبد الحامد. أن أحمد الله وأسترجع. فيقبض ولدي وفؤادي (المعتز) وبمشيئته جل وعلا أن أقول: الحمد لله و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
ولدي المعتز.. كنت أتمنى أن أرحل قبل أن ترحل.. وأن تشيعني لا أشيعك.. وأن تكون ثالث الثلاثة التي أتركها بعد موتي.. ولدي الصالح الذي يدعو لي.
لكنها مشيئة الله الذي لا راد لمشيئته.. ولتعلم يا ولدي الغالي أن عدالة الله تتجلى في كل شؤون حياتنا.. في الحياة والموت.. في الفرح والحزن وفي كل أمر. كم فرحت يا ولدي الغالي يوم مولدك. لم تكن الرياض - حيث ولدت في مستشفى الشميسي - لتسعني من السعادة.
وهأنذا أحزن يوم رحلت عن هذه الدنيا بقدر ذلك الفرح الذي غمرني يوم قدمت إليها.. وها هي التعازي التي أتلقاها يوم موتك بقدر التهاني التي تلقيتها يوم مولدك. إنها عدالة الله في موازين المشاعر.. والقسط بين الفرح والترح. وإنني يا ولدي الغالي رغم الألم الذي يختزنه قلبي على فقدك.. والحزن الذي يجتاحني كإعصار بغيض.. فإنني راض بما قدره الله.. فالحمد لله..
وإن كان لي ما أقوله بالإضافة لحمد الله.. فهو الدعاء لك بأن يرحمك الله ويغفر لك ذنوبك ويسكنك جنته.
وأما ولداك (فيصل ونايف) فهما قرة عيني ودقات قلبي.. فلا تقلق عليهما.. إنهما رجلان صغيران.. وغداً سيكونان - بإذن الله - رجلين كبيرين. ولتطمئن يا ولدي الغالي أنهما باران بك ميتاً كما كانا بارين بك وأنت حي.. وكما كنت أنت يا ولدي باراً بوالدتك وبي. إن ولديك لا ينفكان عن الدعاء لك بالرحمة والمغفرة. رحمك الله يا ولدي.. ها هي والدتك التي ثكلتك وفجعت برحيلك لم يثنها بكاؤها عليك عن الدعاء لك بالرحمة وحسن المآب. وها هو أخوك أمجد وأختاك نزهت وسماح وابنة أختك هدى بعد أن قرح البكاء عيونهم على فراقك لا ينفكون عن الدعاء لك بأن يرحمك الله ويسكنك جنته.
رأيت كل من يعرفك يدعو لك ويترحم عليك.. الأهل والأصدقاء والمعارف كلهم حزنوا على فراقك.. وشاركوني حزني وواسوني جزاهم الله كل خير.. فلهم الشكر الجزيل، وأتضرع إلى الله العلي القدير ألا يري أياً منهم مكروهاً.. وإنني لا أنسى مواقف المحبين الذين شاركوني الصلاة والتشييع والحضور للعزاء، وكذلك الذين واسوني بالاتصال أو الكتابة. لله ما أعطى ولله ما أخذ و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.