استقبل الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة (أبا ليلي) الشاعر: النابغة الجعدي، ومعه وفد قومه فألقى بين يدي المصطفى، قصيدته المشهورة، ومنها:
|
ولا خير في حلم إذا لم يكن له |
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا |
ولا خير في جهل إذا لم يكن له |
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا |
في ذلك العام، كان (أبو ليلي) قد بلغ من السن والحكمة والحنكة وخبرة الرئاسة والسياسة ما أهّله لأن يضع توصيفاً لحقيقة السياسة الاجتماعية للناس، فهي بين سياسة هادئة حليمة لا بد لها أحياناً من مواقف حازمة تحمي هذا الصفو من التكدير... وبين جهل تطيش به النفوس ومعها العقول، ولا بد لهذا الجهل من حليم يصدر به إلى النهاية الآمنة، والسلامة الضامنة، فهو مخرج الطوارئ لحفظ النفوس...
|
وتقف اليوم حكومة بلادنا (المملكة العربية السعودية) بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هذه الوقفة الكريمة: (حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا).
|
لقد تابعنا جهودها الحثيثة واتصالاتها المتتابعة حين كاد الجهل أن يطيش بعقول الساسة في لبنان قبل أسابيع، وكاد الالتحام الطائفي أن يُحرق لبنان، فقيَّض المولى سبحانه لهذا الجهل حليماً صدر بالأمر إلى مخرج السلامة..!
|
وقبل أشهر كان اجتماع الفرقاء المتناحرين في العراق بمكة رعاه قائد الحلم الملك عبدالله، وصدر عنهم وثيقة عهد بنبذ العداء والتقاتل، نتمنى أن تأخذ طريقها للتنفيذ...
|
واليوم بمكة يجتمع الفرقاء في فلسطين ليأخذ الحلم زمام المطية من الجهل ليصدر بها إلى جادة السلام والأمان..
|
إن السياسة وهي تتداول بين هدوء وأمان لا بد له من مواقف ومبادرات تحميه من التكدير، وبين جهل وطيش وعواصف لا بد لها من حليم يصدر بها إلى نهايات سلمية تحتاج دائماً إلى هاتين اليدين الصادقتين، وإلى هاتين العينين الفاحصتين، لتأخذ الحياة طريقها إلى الاستمرار، والأحياء طريقهم إلى البقاء.
|
إن شعب المملكة العربية السعودية ليمتن لقيادته ولقائده الملك عبدالله - حفظه الله - الأخذ بهذه المبادرات الصادقة والمخلصة، التي تحقن دماء الإخوة الأشقاء، وتُقرِّب وجهات نظرهم، وتجمع مصالحهم، وتُصلح ذات بينهم.
|
إن التاريخ السياسي لحكومة المملكة العربية السعودية، لغني بمثل هذه المبادرات منذ اتفاق الطائف بين اللبناينين وقبله بكثير، إن قيادتنا لتعلم علم اليقين أن التنازع بين الإخوة سبب للفشل وذهاب الريح، لقد أخذت هذا العلم، من دستورها الشريف كتاب الله العظيم، الذي هتف بالأمة قبل قرون: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (46)سورة الأنفال.
|
|