تحتوي المؤسسة على مجموعات تمد هذه المؤسسة بالدعم والنمو لرفع كفاءتها وإنتاجيتها، وفي نفس الوقت لها مصالح مرتبطة بهذا النمو تعمل من أجلها وتدافع عنها. ويعني هذا أن تتضافر جهود المديرين والموظفين وحملة الأسهم أو المالكين لرفع نمو المؤسسة. ومع التسليم بأن هذه المجموعات لديها مصالح مشتركة مع هذا النمو، لكن قد تختلف أهداف ومصالح كل منها وتتقاطع في نقاط معينة وينشأ الصراع خصوصاً عندما تضغط مجموعة لتحقيق مصالحها على حساب مصالح المجموعات الأخرى، وتتركز سلوكياتها لتنفيذ هذه الأهداف.
ومع هذه الخلفية لا مناص من الصراع.. وقد اصطبغ الصراع دائماً بصبغة سلبية لما ينتج عنه من تأخير في النمو وإهدار لموارد المؤسسة وتدهور فعاليتها إذا تعدى حدوداً معينة، ولكن ذلك ليس دائماً، فقد أظهرت دراسات أن بعض الصراع قد يكون إيجابياً؛ لأنه يستطيع التغلب على الركود في المؤسسة ويساعد على التغيير والتعلم. ولدى نشوء الصراع يتحسن أداء المديرين من ناحية اتخاذ القرارات والقدرة التعليمية لأنهم يبدؤون قراءة المشاكل من زوايا مختلفة آخذين في الاعتبار الاقتراحات الموضوعة من قبل المجموعات المتصارعة ومدى تشابكها أو توافقها مع مصالح وأهداف المؤسسة نفسها، وهذا ما يساعدهم على رسم صورة شاملة لم يكونوا ليستطيعوا عملها إلا بجهد وإبداع كبيرين قد لا يكونان متوافرين دائماً.
ولكن.. بعد نقطة معينة، حين يتحول الصراع إلى أمر مزمن ولا تستطيع الإدارة تحديد أولويات المؤسسة أو حتى الموارد لتلبية الاحتياجات تبدأ المناوشات والمساومات وتتجمد عملية اتخاذ القرارات ويخبو الإبداع؛ ما يؤدي إلى تفاقم هذه الصراعات والدخول في حلقة مفرغة من صراع إلى صراع آخر وتبدأ المؤسسة بالتدهور والانهيار وتصعب الجهود لانتشالها.. فهل هناك حد فاصل وواضح بين الصراعات كأمر سلبي أو إيجابي؟.
شرح العديد من الباحثين مسألة إدارة الصراعات داخل المؤسسة، وبشكل عام فإن التوازن هو سيد الموقف بحيث يجب على المؤسسة أن تكون منفتحة نحو الصراعات لمعرفة إيجابياتها في تحديد المشاكل وإيجاد الحلول البديلة وتحسين عملية اتخاذ القرارات. وعلى المديرين أن يتعلموا كيفية التحكم في الصراعات ومنعها من التحول إلى أمراض مزمنة بالعمل على المستويين التنظيمي لتغيير علاقات العمل وتطويرها والفردي لتغيير سلوك الأفراد داخل المؤسسة.
منذر جبق |