حتى في أيام الجاهلية وقبل الإسلام، تتوقف العرب عن الحروب والاقتتال في الأشهر الحرم، وشهر رمضان المبارك أحد هذه الأشهر الفاضلة. وبعد أن أنار الإسلام قلوب العرب وغيرهم من الأمم التي هداها الله، أصبح لشهر رمضان المبارك قدسية مضاعفة، فبالإضافة إلى كونه أحد الأشهر الحرم، فهو شهر الرحمة الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ولهذا فقد أصبح هذا الشهر موعداً لتوقف كثير من الحروب والمعارك التي تشهدها بعض المناطق الإسلامية، بل وكان قدوم الشهر الفضيل إيذاناً بوقف الحرب تماماً وانتهائها.
من هذا المنطلق وبآمال كبار وجهت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدعوة للعلماء المسلمين في العراق من أهل السنة والشيعة لعقد مؤتمر في رحاب مكة المكرمة يتداول فيه العلماء سبل إيقاف النزيف المستمر لدماء المسلمين من كلا الطائفتين في العراق جراء تحريك أعداء الإسلام والمسلمين المتعصبين والمتطرفين مشعلين فتنة بين أبناء الأمة الواحدة، إذ ما تواصلت ستحرق الأخضر واليابس وتدمر العراق وما حوله.
ولا شك أن توقيت عقد المؤتمر ومكان انعقاده وما يمثلانه من قدسية روحية سيسهمان كثيراً في توصل أصحاب الفضيلة العلماء إلى حلول توقف المآسي التي يشهدها المسلمون في العراق، فالمشاركون في المؤتمر الذين ردوا بالإيجاب وقبولهم المشاركة سيستلهمون حتماً من قدسية المكان وتوقيت الزمان سماحة ومبادئ الإسلام كدين للرحمة والتسامح، وفي الحوار والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة ويؤسسون لعلاقة تجتث الكراهية التي يثيرها أعداء الإسلام بين أبناء الأمة الواحدة، ويعيدون الوئام والمحبة بين المسلمين في العراق التي كانت سائدة طوال قرون من الزمن حتى يتسنى إعادة هذا البلد العظيم إلى سالف عهده، مضيفاً إلى الدول الإسلامية قوة ومجداً بدلاً من أن يكون مصدر قلق وخوف على أبنائه.
|