لم يكن من نهج الإعلام بوسائله العديدة أن يكشف النِّقاب عن الوجه الخفي للسلوك الاجتماعي غير المتّسق مع الأصول التربوية الإسلامية للفرد، أو قواعد الأخلاق التي يحثُّ عليها الدِّين في منظومة تتمازج لتمثِّل مسلك الفرد وما يعتاد عليه من نمط التفكير، وفق قناعات مرتبطة بهذا النسيج الذي يبدأ بالحياء وينتهي بالامتناع....
فالتربية السليمة تكون قيم الحياء من ارتكاب أيِّ سلوك لا ينمُّ عن صحَّتها وسلامتها ....
فلا يسرق الإنسان، وبالتالي فإنّه لا يكذب ولا يتملَّق ولا يتجسَّس ولا يخادع ولا يراوغ ولا يفحش ولا يعتدي ولا يطمع ولا يحسد، وبالتالي لا يمكر... والذي يستحي فإنّه يمتنع عن كلِّ قول أو فعل يجترئ به خارج حصانة الحياء الذي هو شعبة من الإيمان....
وكنّا في ظلِّ صمت الإعلام، نعيش على حلم كبير هو أنّ مجتمعنا أقرب للبراءة والطهارة، ونعول ذلك بإسلاميته ونردُّه إلى نشأته في كنف هذه الحقيقة بأنّنا مجتمع الفضائل الذي ظهر فيه الإسلام وختمت فيه الرسالات، وكان منه خير البشر وصحابته ورجال الإسلام الأوائل....
كما كنّا نردُّ أيّ خطيئة إلى فردية البشر، وتحمل كل وازرة وزرها، مؤمنين بأنّ الله تعالى خلق البشر خطّائين، وخير الخطائين التوَّابون، فمن لم يتب بدافع ذاتي يستحث للتوبة، وإلاّ فإنّ إقامة الحدود التي تعلن عنها الوسائل الإعلامية هي الضوابط التي كانت تمنحنا الشعور بالأمان فننام وأبوابنا مشرعة....
غير أنّ الآن الوسائل الإعلامية ذاتها انفتحت على نشر ما لم يكن يخطر في بال أحدنا من انفلاتات سلوكية تدلُّ على صورة عكسية لما كان سائداً من الانطباع بل الاعتقاد.... وبدأنا نتساءل متى وكيف ولماذا وما بعد هذه العلامات لا أخاله يخفى....
إنّنا لو أحصينا السرقات والاعتداءات والعقوق والفواحش والتزوير والظلامات والجنايات والتفريط في الأمانات والتسوُّل بأساليب عديدة وكسر الآخرين للاستثمارات الشخصية وحركات التلاعب وانتهاكات الأنظمة والتفريط في القوانين.... لخرجنا بكمية عميقة كبيرة من الحسرة والألم....
هل نحتاج فعلاً لإعادة التفكير في عدم مصداقية تخيُّلاتنا وبأنّ مجتمعنا يحتاج إلى تطهير تربوي وتنشئة سليمة وعدم التفريط في بصيص أمل...؟
|