* الضاحية الجنوبية - بيروت - حسين فقيه- تصوير - محمد الشهري:
كثيرة هي المناظر المأساوية والدامية التي حلت بلبنان وتناقلتها وسائل الإعلام العربية والعالمية، جراء العدوان الإسرائيلي، ولكن مع وقوف الشخص على هذه المناظر يتبين له بعين الواقع مدى وحشية وهمجية العدوان الإسرائيلي للبنان، وخاصة الضاحية الجنوبية وخاصة المساجد والمراكز الثقافية ودور النشر والمكتبات العامة التي تحوي الواحدة منها أكثر من خمسة عشر ألف مجلد والمباني المدنية التي تحولت إلى أكوام من التراب وسويت بالأرض.
عدد من الأهالي الذين غادروا الضاحية؛ خوفاً من همجية القصف الإسرائيلي الذي لا يفرق بين مدنيين ومقاومة، عادوا إليها ليجدوا منازلهم ومحال كسب رزقهم وقد أصبحت ماضياً لا وجود حتى لآثاره.
أبو أسعد يشير إلى أحد المباني في الضاحية المكون من تسعة طوابق ويقول: كان في هذا الموقع مبنى مدني من تسعة طوابق يضم العديد من العائلات التي هربت من منازلها؛ خوفاً من القصف الإسرائيلي، كما يضم المبنى مركزاً ثقافياً ودوراً للنشر ومكاتب عامة سويت بالأرض، والآن - كما ترى - جميعنا نحاول الحصول على بعض مقتنياتنا حتى ولو كانت صوراً.
تضيف أم محمد بغضب في وجنتيها وحزناً على ما آل إليه حالها: بعد هروبي أنا وأطفالي من الضاحية مع بدء القصف توجهنا إلى وسط بيروت، وبعد يومين رجعنا إلى الضاحية التي لم أستطع التعرف على شوارعها من جراء القصف؛ حيث إن المنظر الآن أشبه بزلزال رهيب حل بالمنطقة، وبصراحة لم نكن نستغرب حجم هذا العدوان الإسرائيلي، وهذه المناظر أكيد دليل على ذلك، وأنا الآن أسكن مع أطفالي مع أختي؛ لعدم وجود منزل لنا بعد العدوان.
وتضيف شقيقتها أم أحمد أن هناك بعض الأسر التي لم تستطع مغادرة منازلها لعدم وجود أماكن أخرى لها، وقد قتلت بعض هذه الأسر مع بداية القصف الإسرائيلي، مشيرة إلى أن هناك بعض الأسر قامت باستضافة بعض العوائل الهاربة من الضاحية ممن لا يتوافر لهم ملاذ آمن وقاموا بإيوائهم لحين توافر أماكن أخرى يستطيعون العيش بها.
أم أحمد (صاحبة مركز للملابس في أحد المباني التي طالها العدوان الإسرائيلي) لم تجد من بقايا مركزها إلا بعض الأحذية المحترقة. تقول أم أحمد: رغم الدمار الذي حل بنا تظل كرامتنا مرفوعة، ومهما دمر العدوان من مبان ومنشآت فلن يصل إليها وإلى عزيمتنا. وتضيف أن العدوان أضر بمصادر العيش والرزق لدى العديد من العوائل؛ فمن كان يعمل لدى بعض المحال التجارية في الضاحية نجا بروحه ولكن لم ينجُ مصدر عيشه، ومن كان يعمل سائقاً دمرت سيارته، وأصحاب البضائع احترقت بضائعهم، ولكننا نحمد الله على كل شيء؛ فلبنان بلد خير وأصل الخير والعطاء.
ورصدت (الجزيرة) في هذه المواقع العديد من المتطوعين الذين يساعدون المتضررين في البحث عن مقتنياتهم بين الأطلال. وأكد المواطنون أن مساعدات مملكة الإنسانية أسهمت في بلسمة الجراح والتخفيف من الأعباء عليهم حيث شاهد جميعهم المساعدات الإنسانية الكبيرة التي تقوم بها الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني تجاه أشقائهم اللبنانيين، وعلى كثير من الجوانب النفسية والصحية والتعليمية؛ الأمر الذي كان له الأثر الإيجابي في نفوس المواطنين حيث إن الحملة لم تفرق في مساعداتها الإنسانية بين طائفة وأخرى، بل شملت جميع اللبنانيين وجميع طوائفهم بحسب التوجيهات الصادرة عن المشرف العام على الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.
|