هيئة الادعاء:
إنّ هذا الحائط (القابع) أمامكم قد حَالَ دون النظرِ إلى الشمس وحَجَبَ عنَّا الهواء بعد أن بناه (البُسطاء) بعرقهم وجهدهم وكثير من لهيب الشمس.
أؤكد لكم أيُّها (الشُّرفاء) أنّنا أمام (حائطٍ) تنكَّر لنا وأعاق تقدُّمنا واستحالَ عثرةً بين الواقفين على (جانبيه)
هذا الجدار بنيناه (ساتراً) فغدا فاضحاً ونحن الذين أوليناه عنايتنا حين كانَ مُجرَّد (طوبة) ونحن الذين استبشرنا فيه خيراً حين كنَّا نرقبهُ يعلو يوماً بعد يوم.
كنَّا له خير (الحافظين) فكانَ لنا أسوأَ (الواقفين) وجعلناه محطَّتنا نُشاهده في الغدوة والمراح ونحكي حوله القصص والروايات.
إنّ هذا الجدار (يُعرقلنا) فما عادت الشَّمس تشرق إلاَّ ضحىً وسرق أنظارنا وأحلامنا حتى أصابنا (الأرق) نطالب بهدمه ورمي (أشياؤه) في صحراء قاحلة .. نحن بحاجة لمكانه ولم نعد بحاجة إلى (فاصلٍ) يحجب الحاضر عن الحاضر.
هيئة الدفاع:
يا سادة:
إنّ هذا الجدار كان وما زال وسيظل (ستاراً) لأهله وسدَّاً منيعاً يمنع عنهم كلَّ بأس.
إنّ هذا الجدار بات (رمزاً) للمكانِ والزمان ... كان هذا الجدار الذي يتهمونه (بالجمود) حلمهم بالحماية فأنكروا فضله عليهم.
كم من شقي سقط من (علّوه) وكم من ضربة موجعة (استقبلها) عنهم .. وكم من رياحٍ (سوداء) تحطَّمت على (صدره).
هذا الجدار قام ليبقى لكلِّ الأجيال ومن أرادَ الرَّحيل ... فليرحل.
مثل هذا الجدار يحلمُ به الآخرون ونحن نطالبُ (بهدمهِ)..
إنّ التاريخ لن يشفع لنا يوماً حين يذكر أنّنا قرَّرنا (هدمه) ووقفنا خصوماً حوله ونحن الذين (التففنا) حولهُ حين كان (حُلماً) .. أيُّ قسوة يحملها المطالبون بالهدم وأيُّ قلوبٍ هي قلوبهم.
إنّنا سنقف جميعاً حوله وسنضربُ بيدٍ من (حديد) كلَّ من يقترب منه بسوء.
هؤلاء نسوا وتناسوا في غفلة منهم أنّنا (نبني) ولا نهدم وأنّ حضارتنا في (الصخور) .. إنّهم ينسفون (التأريخ)..
النطق بالحكم:
بعد قراءة ما عرضهُ الادعاء من أوراقٍ تطالبُ بهدم (الجدار)، وبعد قراءة ما كتبه الدفاع وما قدّم من براهين، وبعدما سَمعنا من الشهود وبعد مداولات ومشاوراتٍ واتصالات (هاتفية)، فقد أمرنا بأن يُستكمَلَ بناء (الجدار) ليلتفَّ حول (عنق) المدينة كاملة وعلى المتضرِّرين ضرب رؤوسهم في هذا (الجدار).
رُفعت المحكمة
|