Wednesday 27th September,200612417العددالاربعاء 5 ,رمضان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

إيران وإسرائيل والقاسم المشترك في تهديد الأمن العربي إيران وإسرائيل والقاسم المشترك في تهديد الأمن العربي
مقدم مظلي تركي بن نجر القبلان

قبل أن أتناول هذا الموضوع الهام فلابد أن أتطرق إلى نقطة مهمة ألا وهي المكانة الإستراتيجية التي تحظى بها الدول العربية من الناحية الأمنية، وسألخصها على النحو التالي:
1- موقع العالم العربي الذي يقع في قلب العالم أكسبه مميزات جغرافية لكونه يتحكم في المياه والسواحل المحيطة بالبحر الأحمر وكذلك الساحل الغربي للخليج العربي والمياه الإقليمية والسواحل الممتدة على طول الجانب الجنوبي والشرقي للبحر الأبيض المتوسط وبعض من سواحل المحيط الهندي والمحيط الأطلنطي وبحر العرب، كما أن الوطن العربي يسيطر على كثير من المواقع الإستراتيجية المؤثرة على حركة النقل البحري في حالة الحرب والسلم مثل قناة السويس، وخليج العقبة، وخليج البحرين، وخليج عمان، وخليج عدن وغيرها.
2- يملك الوطن العربي ثروات معدنية ونفطية كبيرة فهو يمتلك ما يعادل 53% من احتياطي العالم من النفط تقريباً.
3- يضم الوطن العربي الأراضي المقدسة ومهبط الوحي في مكة المكرمة والمدينة المنورة وقبلة المسلمين الكعبة المشرفة التي تهوي إليها أفئدتهم من كل أصقاع الدنيا.
4- نتيجة للموارد الطبيعية المتنوعة التي حباها الله للوطن العربي وما يتوافر فيه من فرص العمل أصبح منطقة جذب للمستثمرين والأيدي العاملة والكوادر العلمية من مختلف العالم.
5- يتدفق عبر أراضي الوطن العربي عدد من الأنهر تعدّ من أكبر الأنهار في العالم.
إذاً وفي ظل هذا التميز الإستراتيجي للوطن العربي فإنه يحيط به بعض المخاطر التي تهدد الأمن العربي وهذه المخاطر يدفع بها نوعان من الأيديولوجيا والإرث الثقافي والتاريخي يسعى قطباها لإحداث التفوق الذي يضمن لهما تحقيق أهدافهما الإستراتيجية التي ستكون على حساب المصالح العربية وبالتالي التهديد المباشر للأمن العربي. وإذا ما تناولنا تلك الدولتين المحيطتين بالوطن العربي كفكي كماشة وكمهددين مباشرين للأمن العربي فإننا نجد أن بينهما قاسم مشترك ألا وهو الاحتلال المباشر لتراب عربي بدافع أطماع تلك الدولتين في ظل التميز الإستراتيجي الذي يحظى به الوطن العربي سالف الذكر.
فدولة إسرائيل تحتل أراضي عربية عندما تحقق لها ذلك الوعد المشئوم باحتلال فلسطين في عام 1948م ومن ثم توسعت في الاحتلال بسقوط أراضٍ عربية في عام 1967م بعد مواجهات عسكرية، وتمارس أشد أنواع التعذيب والقمع الاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني لتكرس الاحتلال، وكلما حلت بها أزمة سياسية قامت بتصديرها إلى الوطن العربي عبر تنفيس وامتصاص احتقان الشارع الإسرائيلي بصب جام غضبها على الشعب الفلسطيني الأعزل أو دولة الجوار اللبناني. غير أنها باحتلالها الأرض العربية ليست وحدها المحتل الوحيد، فإيران تقتسم هذا الاعتداء معها باحتلالها أراضٍ عربية متمثلة في جزر دولة الإمارات العربية المتحدة (طنب الكبرى - طنب الصغرى - أبو موسى) منذ عام 1971م عندما كان شاه إيران على سدة الحكم في إيران، وقد شردت إيران سكان جزيرة طنب الكبرى وأبو موسى وقتلت عند احتلال طنب الكبرى من قتلت. وإيران باحتلالها الجزر الثلاث فإنها تهدد الأمن العربي كما هي إسرائيل. وقد يكون لهذا الاحتلال انعكاسات عالمية نظراً لموقع الجزر الثلاث المتحكم بخطوط الملاحة الرئيسة في الخليج العربي وموقعها الإستراتيجي بإشرافها على مضيق هرمز هذا المضيق الذي يمر عبره البترول المصدر من دول الخليج العربي إلى كافة دول العالم، وهي باحتلالها الجزر الثلاث تكون قد خرقت مبادئ وأحكام القانون الدولي، وتحدت بذلك مبادئ التعايش السلمي وحسن الجوار بين الشعوب والدول. وعندما قامت الثورة الإسلامية في إيران بداية عام 1979م تفاءل الكثيرون وتوقعوا بأن تقوم حركة إيران الإسلامية بإعادة الجزر العربية الثلاث إلى السيادة العربية كبادرة حسن نوايا من جانبها لكن شيئاً من هذا لم يحدث بل إنها أكثر تعنتاً من سلفها حتى هذا اليوم. وما تلبث إيران عندما تلوح لها فرصة في الأفق إلا وتحدث اختراقاً في جسد الأمة العربية، فقد شكلت حزب الله مع زعماء شيعة لبنانيين ومنهم الشيخ صبحي الطفيلي الذي أصبح بعد ذلك أول رئيس للحزب في عام 1982م بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وفي ظل ضعف عربي، وقد درب الحرس الثوري الإيراني آنذاك الحزب وكان ولاء الحزب الأيديولوجي لنظام الجمهورية الإسلامية ولولاية الفقيه، وقد صدر بيان عن الحزب في 16 فبراير 1985م (من نحن وما هي هويتنا)؟ (إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم.. نلتزم بأوامر قيادة واحدة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني، دام ظله، مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة). ويعدّ الحزب خليفة الإمام الخميني الراحل آية الله علي خامنئي المرجعية الدينية العليا، ويسمى أمين عام حزب الله الحالي حسن نصر الله الوكيل الشرعي لآية الله خامنئي. كما أن الاحتفالات العسكرية للحزب التي نشاهدها دائماً على شاشات التلفزة تظهر صوراً للإمام الخميني كما يحضرها مسؤولون إيرانيون. وهذا الولاء الذي تم على حساب لبنانية الحزب مكن إيران من ممارسة نوع من أنواع السلطة على أرض عربية. وهي بهذا تدعم نفوذها داخل لبنان استناداً على حزب الله وهذا يعدّ خرقاً للأمن العربي.
وقد تحقق لإيران التخلص من عدوها التقليدي على جبهتها الغربية بعد الغزو الأنجلوسكسوني للعراق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وإسقاط نظام صدام حسين، وكذلك تخليصها من عدو تختلف معه في الأيديولوجيا على جبهتها الشرقية بإسقاط نظام طالبان، الأمر الذي أصبحت معه إيران حرة الحركة لتتسلل إلى العمق العراقي وتشكل لنفسها مراكز قوى على البوابة الشرقية للمنطقة العربية وتنفتح شهيتها لتتصاعد كقوة إقليمية أكثر تأثيراً من ذي قبل. وعلى هذا النحو فإنني ألمح مؤشراً تصاعدياً يثبت أن إيران تتوسع في المنطقة مهددة الأمن العربي تهديداً مباشرة من خلال التدخل في الشأن العراقي والتدخل في الشأن اللبناني بالإملاءات ووضع أجندة خاصة بها لأي تسوية يمكن أن تقوم على الأرض، وهي تراهن لتحقيق ذلك على سعيها الحثيث لامتلاك أسلحة نووية ومن ثم تطرح نفسها كقوة إقليمية عظمى جديرة بالهيمنة على أهم مناطق العالم حيوية.
ولم تقف عند هذا الحد بل نشطت إيران إعلامياً باختراق الرأي العام العربي بحكم خطب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حول القضية الفلسطينية والتهديد المفتعل لإسرائيل بمواجهة حزب الله الأخيرة مع الدولة العبرية وذلك بحجة الدفاع عن المصالح العربية بينما إيران تنطلق من منطلقات أيديولوجية خاصة بها لتحقيق أهداف إستراتيجية ولن تعرض أمنها للخطر من أجل أن تدافع عن أي عاصمة عربية. وهذا العبور الإسلامي للمواطن العربي يعدّ تهديداً للأمن العربي، فالمواطن هو أساس الوطن. وعلى المواطن العربي أن لا تلتبس أمامه الأمور ويشوب رؤيته الضبابية وعليه أن يدرك واقعاً حياً ملموساً، فإيران التي ضمت الأهواز لها عام 1925م التي تقع على الضفة الشرقية للخليج العربي وهي عاصمة إقليم عربستان الذي تقطنه أغلبية عربية مازالت تدفع ثمن عروبتها فهم محرومون من التحدث بلغتهم العربية وارتداء زيهم العربي وتسمية أبنائهم بأسمائهم العربية وإلغاء وطمس تاريخهم بل وضعهم في مرتبة أدنى من بقية الشعب الإيراني، بينما إيران من دون الأهواز تنطفئ نيرانها ويعمها الصقيع فهي الغنية بالنفط.
فعلينا جميعاً أن نفكر ملياً بأمننا العربي وأن ندرك أبعاد أطماع المحيطين بنا ولنخلص إلى نتيجة هامة بأن الأمن العربي مهدد أكثر من أي وقت مضى والمخاطر الأمنية تحدق بنا من كل اتجاه. فهل نقف موقف المتفرج أم ننتظر حدوث الفعل لكي نقوم بردة الفعل. إن حقيقة التهديد لا تقبل إلا أن تكون الحقيقة، فهل إيران مقبلة على تحقيق ما لم تستطع تحقيقه منذ فجر الإسلام وحتى اليوم؟

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved