Thursday 14th September,200612404العددالخميس 21 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

جئت متأخراً جئت متأخراً
الملك عبدالعزيز حسم الخلاف أيها الطيار!

ما كنت - ويعلم الله - أريد أن أعود إلى مقالي منابر المساجد، لولا أن د. حمزة بن سليمان الطيار الذي (عرّف) بنفسه على أنه يشغل منصباً أكاديمياً، هو (وكيل كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام للدورات والتطوير) رد عليّ في صفحة عزيزتي الجزيرة. الأمر الذي اضطرني إلى العودة إلى الموضوع، لأضع النقاط على الحروف، وأنهي القضية، على النحو الآتي:
أولاً:
كون الكاتب صاحب وظيفة أكاديمية أمرٌ لا يعنيني، ولا أحفلُ به. فأنا أكتب عن شان عام، من حقي كمواطن أن أناقشه، وأن أهتم به، وله - في المقابل - الحق كل الحق أن يجيبني، ويختلف معي. غير أن إقحام مسماه (الوظيفي) في القضية، طالما أن الأمر ليس له علاقة بوظيفته الأكاديمية، دليل على أن الرجل يخلط بين من يكون وأين يعمل.. فإذا كان الرجال يعرفون بالحق، فهل الحق - أيها الطيار - يُعرف بالمناصب الأكاديمية، أو الوظيفية، لتذيل اسمك بمنصبك؟ هداك الله!
ثانياً:
الأخ الطيار لو قرأ (وثيقة) هي الآن بين يدي، بعث بها مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - إلى أحد أئمة الحرم المكي، عندما تدخل في أمور لا تعنيه، (بذريعة) أنها نصيحة من على منبر المسجد الحرام، لأدرك - أصلحه الله - أن كل ما جاء في رده، من جدل، ولف ودوران، واستشهادات، واستعراضات، وتكتيكات، ليست بذات قيمة، من منطلق أن ما نتحدث فيه (قضايا خلافية)، واختيار ولي الأمر (الملك عبدالعزيز في هذه الحالة) يرفع الخلاف كما هو معروف، ولا أحد يستطيع أن يخرج عن هذا التأصيل.
الوثيقة برقية برقم (4326- 4327) وتاريخها 16-5- 1369هـ، وهي موجهة إلى الوزير عبدالله السليمان - رحمه الله - ليقوم بإبلاغ خطيب الحرم المكي آنذاك ما نصه: (بلغنا أنك في خطبة أيام الجمع تتكلم على رؤوس الأشهاد، وبصراحة تامة، عن انتقاد الحكومة، وإظهار العيوب التي في البلاد، وتوضيح عورات المسلمين بصورة علنية، ونحن نعلم أن المقصود حسن، وأنك تقصد الوعظ والإرشاد، وليس لك نية سيئة. وتعلم أن النصيحة لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. ولكن نقول لك إن النصيحة بالصورة التي جرت منك تعتبر فضيحة. وخطبة الجمعة والخطب العامة يجب أن تكون مقتصرة على الوعظ والإرشاد وتوجيه الناس بصورة عامة، لأن ذلك يكون له وقع طيب تقبله النفس أكثر من النصيحة التي تكون في نقاط معينة، وتكون حاوية للتشهير والانتقاد والمجابهة. وإذا كان أنك تعلم عن أشياء مخالفة للدين، فعليك أن تخبرنا عنها، ونحن نقوم باللازم، ولا نرضى بما يخالف الدين، أو يعارض القيام بالواجب. فالآن إذا كان ترغب الاستمرار في إمامة الحرم الشريف فاقتصر في الخطب على الوعظ والإرشاد بما ينفع الناس، ويهديهم إلى سواء السبيل، دون انتقاد أو سب أو تهديد أو تنديد، وإذا كان ما ترغب في إمامة الحرم، فأفدنا ونحن نعيّن شخصاً غيرك والسلام. التوقيع: عبدالعزيز). انتهى نص الوثيقة كما هي تماماً.
وغني عن القول إن ما كتبه الفقير إلى الله تعالى محدثكم في المقال الذي لم يعجب الطيار وآخرين غيره، لا يخرج عن توجيهه - رحمه الله - كما ترون قيد أنملة.
ثالثاً:
عندما تقرأ توجيه الأب المؤسس سالف الذكر - رحمه الله - ثم تعود إلى ما ذكره ابن القيم في النص الذي جاء في كتابه (زاد المعاد)، ثم تحاول أن ترصد كيف كانت موضوعات خطب الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، وتماهيها مع ما وجه به الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في الوثيقة التي ذكرت نصها هنا، وتضع كل ذلك في منظومة واحدة، متكاملة، ومترابطة، تدرك أن خطباءنا الشباب خاصة، قد تأثروا تأثراً سلبياً بالدعوات والأفكار التي قدمت إلى بلادنا التي سعت إلى (تثوير) منابر المساجد، وتسييسها، وصرفها عما أعدت له.
رابعاً:
أنا على يقين أن الأخ الطيار - أصلحه الله - خصوصاً وهو ما زال في ريعان الشباب، لو اطلع على هذا الإجراء من الأب المؤسس رحمه الله، فليس لدي أدنى شك أنه لن يتجرأ على أن يكتب ما كتب، ويتذرع بما تذرع به؛ لأن القضية التي نحن بصددها قضية (خلافية)، واختيار ولي الأمر كما جاء ذكره سلفاً (يرفع الخلاف). لذا فهي قضية محسومة سابقاً، ولا تقبل بعد ذلك أي نقاش.
وهذا ما يدعوني في ختام هذه العجالة، أن أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - رجاءً وأملاً مؤاده أن يتم نشر الوثائق الإدارية، بعد مضي فترة من الزمن عليها، إذا كانت هذه الوثائق لا تحمل ما يبرر إبقاؤها سرية، كالوثيقة التي تطرقت إليها هنا. خصوصاً أن شبابنا، قد اختلط عليهم الأمر، بعد ان دلفت إلى البلاد (دعوات حركية)، أو (حزبية)، ذات أهداف ونوايا وأغراض محض سياسية، فاختلط الحابل - على شبابنا - بالنابل، والصالح بالطالح والنقي بالملوّث، ولعل رد الشاب (الطيار) هنا مثال على ما أقول، وللخروج من هذه (الفوضى الفكرية) التي نعايشها، لا بد من العودة إلى قراءة تاريخ المملكة بالتفصيل، من خلال قراءة وثائق مرحلة التأسيس، وكيف كان الملك المؤسس يتعامل مع التحديات التي واجهها، ليس لنتقوقع في تلك المراحل، وإنما لننطلق منها، ونهتدي بها، ونتعلم منها، في حاضرنا ومستقبلنا. وحبذا لو يوكل لدارة الملك عبدالعزيز تنفيذ هذه المهمة الوطنية، في مشروع مستقل، أقترح أن يحمل اسم (مشروع وثائق التأسيس).

محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved