Thursday 14th September,200612404العددالخميس 21 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

البحث عن مقعد جامعي البحث عن مقعد جامعي
د. سهام العيسى

هل تصورنا يوما أننا سنصل إلى مرحلة عدم استيعاب جامعاتنا لخريجي الثانوية العامة؟؟..
هل خطط التنمية لدينا راعت حاجة أبنائنا ومجتمعنا للتعليم العالي وتوقعت هذه النتيجة؟..
إن أولى البوابات التي تؤدي إلى تطوير المجتمع وتنميته هي بوابة التعليم، ويحملها جيل سيتحمل مسؤولية الوطن مستقبلا؛ لأننا حسب قوانين الواقعية سنترك كل هذا الإرث للأجيال القادمة، فإذا كانت خطواتهم سليمة وتسير على أرضية ثابتة فلا خوف على الوطن ولا على أبنائنا، ولكن عندما تتنوع وتتباين مستويات التعليم فنحن نصنع جيلا متناقضا.. يتسلح بعض أفراده بالتعليم والآخر لا يملك إلا الفراغ.. وهذه الظاهرة بدأت علاماتها تطفو على سطح مجتمعنا، فالكثير من فتياتنا في عمر النشاط والحيوية والعطاء يجلسن في البيوت بانتظار فارس الأحلام الذي لا تدري متى يأتي، والشباب بعضهم استسلم للفراغ والكسل، والآخرون يدورون بملفاتهم الخضراء هنا وهناك لعل هذا المعهد يقبلهم أو تلك المؤسسة تقبل بأن تمنحهم أي وظيفة.. أحلامهم تسربت من بين أصابعهم، فلا مجال للحلم، يسكنهم الإحباط الذي يحاول البعض التخلص منه.. ولكن السؤال: لماذا وصلوا إلى تلك المرحلة؟ وما هي مسؤوليتنا تجاههم؟..
التعليم أحد أسس بناء أي مجتمع، وهو أول لبنة لتطويره، وقاعدة أساسية لتنميته.. فالتعليم هو الرافد الأساسي لكل الكفاءات، وعندما يبحث أي خريج ثانوية عامة عن مقعد جامعي فهو يبحث عن حقه في بناء وطنه وتطوير نفسه.
وعندما تعلن معظم الجامعات أن معدلات القبول فوق 85% يجعلنا نتساءل: أين يذهب الباقون؟ وأي معهد أو كلية أو حتى قطاع عمل يستوعبهم؟ قد يجيب البعض: معاهد التعليم المهني.. بالنسبة للطلبة قد تستوعب عدداً كبيراً منهم، ولكن هذه المعاهد التي فتحت لفتياتنا وفي تجربتها الأولى هل تستطيع أن تستوعب كل هذه الأعداد؟ وهل سوق العمل يحتاج كل الطاقات ليستثمرها في المجالات المفتوحة بتلك المعاهد؟..
أعتقد ضرورة وضع خطة عامة سنوية تتناسب مع مخرجات ومتطلبات كل عام خطة تشرف عليها كل من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية، ويكون توجيه الطلبة حسب تقديراتهم، أي بمعنى آخر مركز واحد للقبول والتسجيل، فمثلا في هذا العام عانت طالبات الثانوية المهنية مشكلة وهي أن الطالبات المقبولات منهن فقط من حصلن على تقدير 90% في أقسام الاقتصاد.. والبقية لا يدرين إلى أين يتجهن.
والسنة القادمة سنعاني من نفس المشكلة لأن تلك المعاهد أقفلت ولم يتبقَ إلا الدفعة الأخيرة، وهي دفعة العام القادم؛ لذا آمل أن ينظر في وضعهن منذ البداية؟.
استيعاب خريجي الثانوية العامة يحتاج إلى دراسات دقيقة ومستمرة.. فتح باب الابتعاث قد يكون حلا مؤقتا، ولكنه ليس الحل النهائي.. وعلى المدى البعيد لا يعد استثماراً مستمراً؛ فالجامعات في أي بلد في العالم هي الهيكل الأساسي وحلقة الوصل للربط بين التعليم واحتياجات المجتمع ومجالات تطويره، فهي التي تملك مفاتيح التطوير وصناعة الأجيال، وهي المركز الرئيسي لدراسة معظم مشكلات المجتمع.. ما نحتاجه هو فتح جامعات في المناطق التي تحتاج إليها والتي لا تحتاج ولا نعتمد فقط على فتح الجامعات الأهلية، فالكثير من طلبتنا لا يستطيع تحمل تكاليف تلك الجامعات بالإضافة إلى أن التنوع هو زيادة في التنافس والعطاء وفتح المجال لاستيعاب عدد كبير من أبنائنا، وأن تتنوع التخصصات المفتوحة في كل منطقة لتتناسب ومتطلبات سوق العمل هناك، وأن تكون البرامج المفتوحة تتوافق مع احتياجات المنطقة، وأن تكون هناك مرونة لقفل وفتح برامج جديدة، وأن نهتم بالكيف وليس بالكم، وهذه يعني الاهتمام بمخرجات التعليم العام منذ البداية وتهيئتها منذ المرحلة الابتدائية للتعليم الجامعي.
فمن المؤلم أن تحصل طالبة على معدل 87 وتراجع مراكز القبول لتسأل أين أذهب وإلى أي قسم أتوجه وعندما تناقشها تكتشف أن رغبتها في دخول قسم تتساوى فيه مع الآخر.. هذا يفتح الباب أمام عامل مهم هو ما هي معايير إعداد طلابنا للدراسات الجامعية؟ وكيف يتم تهيئتهم؟.. فمن وجهة نظري أنه يجب الإعداد لها منذ بداية المرحلة الثانوية، ووضع معايير محددة للتوجيه والإرشاد تساعد الطلبة في التعرف على رغباتهم وتوجهاتهم.
ومن المؤلم أن تسافر طالبة من عرعر إلى الرياض لتسأل أين اذهب لأن معدلي 75%! ومن المؤلم أيضا أن ترى دموع أم لأن معدل ابنتها بالمعاهد المهنية 85% ولن تقبل بكليات الاقتصاد.
وأخيراً من المؤلم أن تبحث طالبة عن مقعد جامعي في بداية العام الدراسي بعد أن انتهى كل شيء؛ لأنها مسافرة أو لأي ظرف آخر.. وهنا يبرز دور الإرشاد في التوعية بأهمية الوقت.
ومن المؤلم أن يكون لفيتامين واو ودال وجميع مجموعة ب دور في توجيه الطلبة وخذلان آخرين.
كثير منا يستغرب إذا سمعنا أن هناك طالبا حصل على الشهادة الجامعية في عمر 60 فما فوق؛ لذا أعتقد أنه من حق أي طالبة أو طالب أن يبحث عن مكان يحتويه وهو في هذه المرحلة من عمر العطاء وزمن التعليم وبداية النضوج.. وليبدأ أولى خطواته نحو المشاركة في بناء الوطن.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved