في الفضاء الدولي العريض تتقاطع الأصوات والتصورات من خلال البث الإعلامي الذي يغطي العالم من أقصاه إلى أقصاه، وفي وسط كل هذا الضجيج تكون لبعض الأصوات الغلبة، وهي بالتالي تستطيع أن تعطي العالم لونيتها الخاصة وشخصيتها المميزة، لكن النظر لعالم اليوم يفيد أن الرسائل الغالبة وذات الهيمنة لم تفلح في جعل العالم مكانا مثاليا للعيش، بل ساحة تغلي بمختلف صنوف الاضطرابات والمشكلات.
وفي الدول الإسلامية وانطلاقا من عمل منظمة المؤتمر الإسلامي كانت أمس انطلاقة الدورة السابعة لوزراء إعلام الدول الإسلامية، حيث يحاول هذا الجمع الكريم إسماع الصوت الإسلامي الذي بات وصوله إلى الجميع أكثر إلحاحا في ظل المهددات الراهنة التي تحدق بهذه المنظومة من الدول.
وتجربة العمل الاعلامي الإسلامي المشترك ليست بجديدة، لكن أدوات هذا العمل هي التي تحتاج إلى تطوير وتعديل بحيث تتفق وتتناغم مع ما لدى القوى والكيانات الاعلامية في بقاع العالم الأخرى من حيث التقنيات والتطبيقات الحديثة، ومن خلال هذه الندية تستطيع أن تؤكد حضوراً يلفت النظر ويجتذب الاهتمام.
وفي الجانب الخاص بهوية المجتمع المسلم وصورته في أذهان ومخيلات بقية أنحاء العالم، فإن الاجتماع يعمل من أجل الخروج بصورة تكون متناغمة مع حقيقة الشخصية المسلمة، ولعل التوصيات التي انكب الوزراء على النظر فيها تتناول هذه المسألة من خلال عدة جوانب، ومنها التوصية المنادية بضرورة الاتفاق على مدونة أخلاق تلتزم بها وسائل الإعلام في الدول الإسلامية وبخاصة القنوات الفضائية.
ويلفت النظر في التوصيات التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع التحضيري شموليتها واقترابها كثيراً من الهموم الإسلامية، فهناك مقترح حملات التبرعات التي يفترض أن تقوم بها التلفزيونات الوطنية، في كل دولة مسلمة، لمواجهة الكوارث الانسانية، وتلبي هذه التوصية حاجة أساسية تظهر بصورة سنوية في معظم أنحاء العالم، فالكوارث الطبيعية تضرب بطريقة متواترة أنحاء عديدة من العالم الإسلامي، كما أن الدول الإسلامية تحتل مساحة مقدرة فيما يعرف بحزام الزلازل البحرية والبرية، وهي ظواهر طبيعية لا تكف عن الظهور.
والمسألة في شكلها التطوعي هذا، من جهة جمع التبرعات والحث عليها، تتفق مع مبادئ ديننا وقيمنا، والممارسة شائعة في كل أنحاء الدول الإسلامية، إلا أن وضعها ضمن إطار منظم قد ينقلها إلى مرحلة التأثير الكبير والفاعل في إغاثة المحتاجين والمتأثرين بالكوارث أينما كانت..
وبصفة عامة فإنه ينتظر الكثير من هذا المؤتمر، بل ومن كل تجمع إسلامي، لكن الاعلام، بصفة خاصة ينطوي على أهمية شديدة في محيط دولي بات أكثر تأثراً بهذه الرسائل المتنوعة التي تستطيع تغيير التوجهات والسياسات، ومن ثم فلا بد من تأكيد الصوت الإسلامي لتحقيق حصة الدول الإسلامية في ساحة التأثير، ومن ثم تغليب وجهة النظر الإسلامية تجاه التطورات في المجتمع الإنساني، ونحن على ثقة، من أنها هي الأكثر قدرة على خلق عالم متوازن ومتآخٍ ومتعاون.
|