Thursday 14th September,200612404العددالخميس 21 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"منوعـات"

نوافذ نوافذ
الفاجعة
أميمة الخميس

تكاد لا تغيب عن صحفنا أخبار حوادث العنف الأسري الموجهة ضد النساء والأطفال، ولعل هذا الحضور المكثف لا يعني بالضرورة أنها تكثفت مؤخراً مقارنة بما كانت عليه في السابق، ولكن أعتقد أن المساحات الإعلامية اتسعت في الوقت الحاضر وبات في استطاعة وسائل الإعلام والصحف تحديداً تغطية تلك الأخبار، على حين كانت سابقاً مطوقة بالحذر والحساسية، أيضاً الشيء الإيجابي في الموضوع حتى الآن أنها على المستوى الإعلامي، لم تأخذ طابع الإثارة أو تندرج تحت مسمى الخبطات الصحفية، بقدر ما كان طرحها في غالبية الصحف بطريقة عاقلة ومسؤولة، ذلك الطرح الذي من شأنه أن يكون رأياً عاماً محلياً يستطيع مواجهة هذه الحوادث والاعتراف بها وإزاحة الستار الذي تتوارى خلفه اجتماعياً، وما هنالك من أوهام الفضيلة.
وفي هذا السياق نشرت جريدة الوطن في الأسبوع الماضي حادثة تقشعر منها الأبدان، حول معلمة اكتشفت في المدرسة طفلة تتعرض للاعتداء من أبيها بصورة متصلة، وأمام هذه الفاجعة أحست المدرّسة ومديرة المَدْرَسة بنوع من الشلل اتجاه الخطوات اللازم اتخاذها في هذا المجال، مع عدم معرفة وغياب للطرق المتاحة اتجاه قنوات رسمية ومعروفة تكون مهمتها التدخل الرسمي الفوري لمعالجة مثل هذه الحالات الخطرة، وعدم اعتساف حلول من الممكن أن تخلف عواقب كارثية ضد الطفولة في المستقبل، أما الطامة الكبرى بالتأكيد ستكون تحول الجهة التربوية التي اكتشفت هذا الموضوع (كما نشر في الخبر) إلى الخوف والانسحاب من الحل، والتنصل من المسؤولية التربوية تماماً كالشيطان الأخرس أمام عجز طفولة يفتك بها.
نشرت الصحف قبل فترة أرقاماً وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية للتبليغ عن حالات العنف الأسري موزعة على مناطق المملكة، وأذكر أنني احتفيت بهذه الأرقام في أحد مقالاتي، ورأيت أنه من الواجب تفعيلها على أكبر نطاق وبثها إعلامياً بشكل مكثف، ولكن سرعان ما توارت تلك الأرقام ولم نعد نسمع عنها!! فلا أحد في النطاق التعليمي يعرفها وهي غير موجودة في إسعافات المستشفيات، ولم توزع في نشرات في المحافل والمناسبات، فهناك قصور إعلامي كثير في هذه الناحية. بعض الدول تضع هذه الأرقام فوق عبوات الأغذية الخاصة بالأطفال، بحيث تصبح أمام أعينهم، وفي متناول أيديهم وأيدي الجميع، لكن هناك قصور في هذا المجال.
أيضاً هناك على المستوى المدني خلاف جمعيات حقوق الإنسان هناك بعض الجمعيات التي قامت في هذا المجال من قبل بعض الناشطات في المجال الإنساني ويعملن في المجال الطبي، ولكن المجتمع إلى الآن لم يعرف عن نشاط تلك الجمعيات، ولا عن الأدوار والمساعدات التي من الممكن أن تقدم في مثل هذه الحالات.
وفي النهاية لا بد أن نصل إلى لب الموضوع وحجر الزاوية فيه، وهو أهمية وجود قوانين محددة وصارمة في المجال الأسري تتيح للجهات التنفيذية التدخل الفوري وإنقاذ الأطفال الذين يقعون ضحايا لهذا النوع المخيف من العنف، فنمط الحذر الاجتماعي الشديد مع الميل إلى الطبطبة والستر على الموضوع من شأنه أن يفاقم الأمور لا أن يعالجها، والوضع لم يعد يحتمل التأجيل، فلا بد من سن قانون ينبثق عن الشريعة الإسلامية يسحب حق الوصاية من الولي الذي يدان بخلل في شروط الوصاية، بحيث تستطيع الجمعيات المعنية بالتعاون مع الجهات الأمنية بالتدخل السريع من خلال هذا القانون لإثبات الواقعة، ومن ثم النجاة بالأطفال من هذه البؤر المخيفة. إنها مسؤوليتنا أمام خالقنا ثم أمام التاريخ، وأخيراً أمام طفولة عاجزة ومستباحة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved