* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج:
أيام قليلة وتنطلق رسميا فعاليات المؤتمر السنوي الرابع للحزب الوطني الحاكم في مصر والمقرر عقده في التاسع عشر من شهر سبتمبر الجاري، لكن عواصفه بدأت مبكرا؛ إذ أعاد حالة الزخم والتوتر إلى الشارع السياسي المصري من جديد بعد شهور من الجمود السياسي الذي شهدته البلاد الصيف المنصرم. ويكمن توتر المعارضة في خشيها من إقدام الحزب الحاكم تحت مظلة أغلبيته البرلمانية في إجراء تعديلات دستورية أو سياسية دون مشورة المعارضة المكبلة أصلا بالخلافات البينية.. لكن قيادات الوطني تؤكد أن حزبهم يمثل السواد الأعظم من الشارع، وعليه فإن أي إجراءات سوف يتخذها فهي لخدمة جماهيره.
ويحاول المؤتمر الرابع للحزب الحاكم إحداث إصلاحات دستورية وسياسية وعلى رأسها تنفيذ البرنامج الانتخابي الذي نجح به رئيسه الرئيس حسني مبارك في انتخابات الرئاسة الأخيرة لضمان أغلبية حقيقية في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين التي حازت خُمس مقاعد البرلمان الحالي. وقد كثف الوطني وتيرة اجتماعاته داخل مقره الرئيس على كورنيش القاهرة وفي عواصم المحافظات خلال الأسبوع الحالي؛ استعدادا للمؤتمر الذي يشارك فيه 2500 من قيادات الحزب في المحافظات، كما أطلق البث التجريبي لإذاعته على الانترنت، تحت اسم راديو المصريين؛ تمهيداً لانطلاقها رسمياً مع بدء أعمال المؤتمر السنوي.. وبدأ البث بمجموعة من التنويهات التي أعدت خصيصاً لهذا الغرض، ومجموعة من الأغنيات الوطنية القديمة والحديثة على أن يتم تدشين الإذاعة بتغطية أعمال المؤتمر السنوي ونقل أنشطته.
وأكد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي أن المؤتمر السنوي الرابع للحزب يعد كشف حساب لما تم إنجازه في البرنامج الانتخابي للرئيس حسني مبارك تتقدم به الحكومة وتطرح فيه خططها للعام القادم. وأضاف أن الشعار الذي اختاره الحزب للمؤتمر السنوي الرابع من فكر جديد وانطلاقة ثانية للمستقبل يعد من طبيعة المرحلة وأهداف العمل الوطني، مشيراً إلى أنها انطلاقة ثانية حزبية وحكومية تبدأ بالعادة بالتشكيلات الحزبية وتفعيل أداء الحزب، وعلى المستوى الحكومي تكون انطلاقة لمرحلة التوجه المباشر للخدمات التي تمس المواطنين. وأشار الشريف إلى أنه ستطرح توجيهات الرئيس حسني مبارك، وإلى أنه على الحزب والحكومة ضرورة التدقيق في جميع الأرقام التي ترد بالوثائق التي تطرح على المؤتمر وألا يتم إدخال أي أرقام إلا بعد التثبت والتأكد منها.
وأوضح جمال مبارك نجل الرئيس المصري والأمين العام المساعد أمين السياسات بالحزب أن الأوراق المقدمة للمؤتمر تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الأولى التي تضم أغلب أوراق المؤتمر هي أوراق سياسات يتم فيها العرض لسياسة تم اعتمادها من الحزب وجرى الاتفاق عليها بين الحزب والحكومة كأوراق التعليم والتأمين الصحي والنقل والمواصلات والشباب والمرأة. والنوع الثاني هي أوراق للنقاش يطرح فيها الحزب موضوعاً جديداً لعرضه على أعضاء المؤتمر والحصول على موافقتهم؛ تمهيداً لقيام لجان الحزب بدراستها ومناقشتها، موضحاً أن الحزب سيطرح في هذا الإطار موضوعين للنقاش الأول يدور حول الأمن القومي المصري ومستقبل الشرق الأوسط، والثاني يتعلق بسياسات الطاقة بكل ما تشمله من كهرباء وبترول وغاز وعناصر الطاقة الجديدة والمتجددة؛ إذ ستتم مناقشة مستقبل الطاقة مع ازدياد عدد السكان وزيادة الاستخدام وارتفاع معدلات الاستهلاك وموارد مصر من الطاقة ومستقبلها. وقال مبارك الابن إن النوع الثالث من أوراق العمل التي ستطرح على المؤتمر هي رؤى حزبية منها ما يتعلق بالإسكان والصرف الصحي والمياه، لكن ما قيل من تصريحات من قيادات الحزب الحاكم لم تلقَ آذان صاغية من المعارضة التي استبقت المؤتمر بحملة تصعيدية ضد الحزب الحاكم متهمة إياه بالانفراد بالتعديلات الدستورية، وأنه يقوم بذلك ضمن خطة مدروسة لتوريث جمال مبارك الحُكْم مستقبلا وهو ما ينفيه الرئيس المصري ونجله مرارا.
وحذرت المعارضة في مؤتمرات عدة عقدتها مؤخرا من مؤامرة يدبرها الحزب، في إشارة إلى تعديلات دستورية خلافية يُنتظر أن يناقشها المؤتمرون، بينها اقتراح بإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بدعوى إبعاد القضاة عن السياسة. وشنت المعارضة المصرية هجوما حادا على قيادات الحزب الحاكم وسياساته أملا منها في الضغط على الوطني وإشراكهم في التعديلات الدستورية، لكن الحزب الحاكم استبق ذلك وعقد حلقة نقاش مفتوحة مع خبراء ومحللين سياسيين ورجال فكر وقانون وناقش معهم مقترحاته ورؤيته. واعتبر المراقبون أن هذه الخطوة جاءت لحرمان المعارضة من المشاركة في التعديلات بدعوى أن نسبة المنطوين حزبيا في مصر عدا الوطني لا تشكل ما يعرف في اللعبة السياسية بالكتلة الحرجة، وعليه فمن الممكن الاستغناء عن المحزبين برجال الفكر المستقيلين وهم يمثلون الطيف المصري من أقصى يمينه إلى أقصى يساره سياسيا وطبقيا.. وبالرغم من هذه المناوشات بين الحزب الحاكم والمعارضة يبقى أن الوطني أمام تحديات صعبة وفي مرحلة حرجة يتحتم عليه تخطيها بمرونة وإحداث نقلة نوعية على جميع المستويات.
|