Thursday 14th September,200612404العددالخميس 21 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

مقاومة المقاومة.. (قراءة في الاجتماع السياسي) مقاومة المقاومة.. (قراءة في الاجتماع السياسي)
د. خالد الشريدة

لفتة: (حينما يتعدى العدو الحدود فكلنا مقاومة، وحينما نتعدى نحن الحدود فكيف تكون المقاومة؟).
لا شك أن المسألة شائكة إزاء تحميل جهة دون أخرى مسؤولية الدمار في لبنان. ومن المؤسف أن تتبنى قنوات لها أثرها في الساحة أصواتا ناشزة لتجعلها وكأنها هي المعبِّرة عن سواد المجتمع المسلم، وهنا يحَار العاقل وينطلي على العامة ما تجيشه تلك الأصوات والقنوات لمكاسب هامشية على حساب أصوات الحكمة والعقل والمنطق والوحدة الوطنية.
كلنا مع المقاومة المشروعة وضد أي عدوان على أي بلد وتلك مسلّمة لا يحتاج العقلاء إلى المزايدة فيها، ولو أن جماعة مسلحة داخل بلد ما أرادت أن تُغِير على بلد مجاور، لحقَّ للسيادة الشرعية في ذلك البلد منعها وإلا فما معنى السيادة والمرجعية الشرعية؟! إذاً ما هي تلك المقاومة التي يجب أن تُدعم وما هي تلك المقاومة التي يجب أن تقاوم.. سؤال مشروع مهم ومنطقي يحتاج منّا - كعقلاء - إلى تفكيك وتفكير، ذلك أن الحالة الفلسطينية غير الحالة العراقية والعراقية غير اللبنانية، واللبنانية غير الصومالية وهكذا.. فلكلٌّ ظروفه ولكل شروطه وملابساته. وهنا ككاتب لهذا الظرف الحرج، ليس المقصد أن ندين أحداً أو أن نحمّل أحداً وزر آخر، وإنما كأكاديمي أريد أن يكون لدينا القدرة على التحليل لما يحدث من أجل أن نصيغ مواقفنا وفق ما تقتضيه الحكمة التي عادة ما يخالفها المتعجلون، ويغفل عنها المتخاذلون، ويصطاد من عكرها الشانئون.
إن المبدأ الذي أحاول أن أؤكده دائماً أن أهل كل بلد هم أعلم بشؤون دنياهم وإدارتهم لقضاياهم، وبالتالي فليس من الحكمة أن نتبنى فتوى من المشرق لأهل المغرب أو العكس دون أن نتصور أبعاد وملابسات ما حدث وما يمكن أن يحدث.
إن بلداً مثلاً كفلسطين يصوت غالب أهله للمقاومة المشروعة فهنا نحتاج إلى أن ندعم المقاومة ولا نقاومها، ولو أن جماعة من الناس في بلدنا يريدون الإغارة على بلد مجاور لكان ذلك مخالفاً للمنطق العقلي، ذلك أن أي شيء يؤثر في مجموع الناس يجب أن يؤخذ فيه رأي الناس. وإذا كنا نقول أو نسمع أن المقاومة هذه أو تلك تعبر عن رأي الأمة، فأين هذه الأمة في مسألة المشاورة؟. وهنا فإدخال مسألة الأمة وكأنها المسؤولة عن تصرفات القاعدة مثلاً أو تصرفات المجموعات التي تقتل نفسها في العراق أو غيرها فإن هذا من الإجحاف على الحقيقة والواقع.
وبالتالي فإن المقاومة بالحكمة للمقاومات غير الحكيمة أمر مشروع بل ومطلب ضروري؛ حتى لا يلتبس الحق بالباطل فنضّل بغير علم.
أعلم بأنه من الصعوبة بمكان أن يفرِّق الناس بين العدل والظلم والحق والباطل والمخطئ والمخطأ عليه والسلبيات والإيجابيات وفقه الموازنات في مثل الظرف الذي نعيشه اليوم خصوصاً في مسألة لبنان، ولكن الذي يزيد الطين بِلَّة حينما تتبنى جهات أو قنوات إسباغ الباطل بالحق وإفراد برامج لأصوات الناس - الشارع، ليقول من يفقه ومن لا يفقه في مسائل الأمة الكبرى التي يحار في النظر إليها الخاصة فكيف بالعامة؟.
وهنا فالرّد في مثل هذه المسائل لأصحاب الحنكة السياسية والحكمة العقلانية والشرعية، لا لأهواء الشارع المشوش بالتناقضات السياسية والاجتماعية.
ولا خلاف في أن ما تفعله إسرائيل في لبنان هو جرم بكل المقاييس، والمؤلم أن أمريكا معوقة الديمقراطية في العالم تنقض بالفيتو حق العالم في الوقوف ضد العدوان؛ لتعطي فرصة أكبر للكيان الصهيوني في قتل الأبرياء.
والمنطق الذي يجب أن يسود عالم اليوم (أن عصر القوة قد ولى وتبقى لغة المصالح المشتركة).
نعم لتأخير المحاسبات التي تعوق مواجهة العدو الأكبر، ونعم لتوحيد الشعب اللبناني على مواجهات التحديات والصعوبات.. والأمة كلها اليوم مسؤولة عن شعب عربي ومسلم يسحق في لبنان وفلسطين والعراق.. والمسؤولية تتعدد، فمن الناس من لا يملك إلا الدعاء ومن الناس من همه الادعاء، ومن المسؤولين من يعمل دون أن يعلم الناس، ومنهم من لا يعمل ولا يريد لحكماء الناس أن يعملوا. وصفحات التاريخ عموماً سوف تكشف عن أوجه الحق من الباطل، حينما تزول الغمّة وتتنفس الأمة الصعداء، ولعل خطأ التقدير في المواجهة قد بان في كلمات المسؤولين، وعلى كل حال فإننا نفرح بنكاية العدو ونألم للمستضعفين حينما يتألمون، وهذه دروس أرجو أن تقرأ بعقل ولا نكتفي بالنقل لها؛ لأن آفة الأحاديث رواتها، كما أن آفة القنوات اليوم إجحافها!. والمرجو أن نتحمل جميعاً مسؤوليتنا أمام تاريخنا الذي نكتبه بحسناته وسيئاته.

عميد عمادة خدمة المجتمع- جامعة القصيم

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved