تقدر بعض الدراسات أن التكلفة السنوية للطالب في التعليم العام في الدول المتقدمة قد تضاعفت خلال الخمس عشرة سنة الماضية بمقدار عشرة أضعاف بعد تحييد أثر التضخم.
وترجع الدراسات هذه الزيادة الكبيرة إلى عدة عوامل من أبرزها اعتماد التعليم المتزايد على استخدام الحاسب وما يتصل به من برمجيات وكتب ووسائل تعليمية إلكترونية. إضافة إلى التوسع في استخدام الإنترنت في العملية التعليمية، وأداة للتواصل بين الطلاب ومعلميهم ومدارسهم وأولياء الأمور.
كما أدت التوجهات الحديثة في أساليب وأنماط التعليم إلى تقليص أعداد الطلاب في الفصل الواحد، والارتقاء بنوعية التدريب والتأهيل الذي يتلقاه المعلمون سواءً قبل ممارستهم للمهنة أو أثناءها. ويضاف إلى هذه الأسباب، تكاليف التحول نحو ما يسمى بالمباني المدرسية الذكية.
وتشمل قائمة الأسباب تزايد الاهتمام بجوانب تربوية وصحية كانت لا تحظى بالرعاية الكافية في السابق أو ربما دعت الحاجة مؤخراً للاهتمام بها، ومن ذلك الإنفاق على تعليم الأطفال والمراهقين أساسيات الذوق العام وتوفير الوجبات الغذائية الصحية لطلاب وطالبات المدارس في أماكن مخصصة ملائمة وبالمجان في بعض المراحل والمجتمعات وتوفير عيادة أو على أقل تقدير ممرض أو ممرضة مع بعض المستلزمات في كل مدرسة.
هذا فضلاً عن الإنفاق على البرامج الاجتماعية والترفيهية ذات الصبغة التعليمية والتي يشارك فيها الطلاب أو الطالبات وأولياء الأمور وأفراد المجتمع المحيط بالمدرسة. على أن هذه الزيادة في تكلفة التعليم لم تعد أمراً اختيارياً يمكن تجاوزه بل إن طبيعة الحياة المعاصرة وضرورة التعايش مع معطياتها تحتم هذه النوعية من التعليم المكلف.
وبدونه سيجد بعض الأشخاص أنفسهم مضطرين في وقت من الأوقات للاستعانة بآخرين عند تعبئة نماذج أو استمارات إلكترونية أو إتمام عمليات معينة، وهذا يذكرنا بسنوات خلت عندما كان من المعتاد رؤية شخص لا يجيد القراءة والكتابة يطلب من آخر قراءة ورقة أو تعبئة نموذج.
ويمكن القول أن الاستفادة المثلى من التطبيقات المتعددة للتقدم التقني والمعلوماتي ستكون مكلفةًً جداً وشبه مستحيلة مالم يكن نظام التعليم داعماً لها. وعليه، فإن التوسع في الإنفاق على التعليم ليكون مواكبا لمتطلبات العصر ومساعداً على خفض تكلفة التحول نحو المجتمع الإلكتروني أمر مبرر، لئلا يضطر المجتمع مستقبلاً للإنفاق على حملة لمحو الأمية في شكلها الحديث.
|