Monday 4th September,20061111العددالأثنين 11 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مدارات شعبية"

أرادو الوصل فخلدهم الحرمان أرادو الوصل فخلدهم الحرمان
بسحائب حرمانهم أورقت أغصان الشعر

* كتب - علي المفضي:
لو قدِّر لمجنون ليلى وغيره من مجانين العشق أن بلغوا ممن أحبوا وصلاً وقرباً، لماتت قصصهم معهم أو قبل موتهم، فالعشق منذ أن كان هناك قلوب تنبض وأحاسيس تتحرك ومشاعر تتدفق وهو ينتقل من قلب إلى قلب مشعلاً حرائقه هنا وهناك، مراتعه المُهج، ومنازله الأوردة، ومضاربه واحات الروح، اعصاره مباغت، وزلزاله غير متوقع.
ولأنّ الشاعر مفضوح المشاعر، مشاع الأسرار، مشرع الأبواب أو هو بالأحرى بلا أبواب ما ان يعلق بنفسه شيء من عطر الحب إلا وعلم به الناس وما أقل العطر في مسيرة تاريخ الشعراء، فرائحة شواء قلوبهم هي الأكثر نفاذاً وانتشاراً لأنها الأكثر والأعم، والعجيب أنّ الشاعر يبدع إذا عذب وكأنّه بلا عذابه ممن أحب بلا حب وها هو كثير عزة يتلذذ بألمه.


وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
ولا موجعات القلب حتى تولتِ
وكانت لقطع الحبل بيني وبينها
كناذرة نذرا فأوفت وحلتِ
فقلت لها يا عز كل مصيبة
إذا وطنت يوما لها النفس ذلتِ
فلا يحسب الواشون ان صبابتي
بعزة كانت غمرة فتجلتِ
فوالله ثم الله لا حل بعدها
ولا قبلها من خلة حيث حلتِ
تمنيتها حتى إذا رأيتها
رأيت المنايا شرعا قد اظلتِ

وقد يرى أحدهم أن من أحب يترصد الساعة التي يقتله بها هجراً وصداً وإعراضاً وجفاءً ويبحث لقاتله عن مخرج يبرر له ما يفعل أو أنّ ما حصل كان خطأ وقع عن غير قصد من الحبيب ك علي الحصري القيرواني:


إني لأعيدك من قتْلي
وأظنك لا تتعمَّده
يالله هَب المشتاق كَرَى
فلعلَّ خيالك يسعده
ما ضرَّك لو داويتَ ضنى
صب يدنيك وتبعده
لم يُبْق هواك له رمقاً
فليبْكِ عليه عُوَّدُهُ

وخارطة شعرنا الشعبي مليئة بالنماذج التي تقطر ألماً وتفيض حرماناً وتنضح بالدموع وتضج بالآهات والتوجُّع ف سعود بن بندر لم يقل عبثاً أو ترفاً عن من جفاه ما قال:


حبك اللي تدعي هو حب ذاتك
ومن يحب الذات ما يخلص لغيره
مات حبي والبقية في حياتك
لا تجيب ان طعتني للحب سيرة

ولنقف عند عبدالله العليوي وهو يتألم لما آلت إليه حاله بعد أن سقته يد الحبيب من الحرمان كأساً مترعة أحس بطعم مرارتها من قرأ له أكثر من قصيدة تشهد أنّ الهجر كتب معه كلّ قصائده.


كنت الرجا واليوم خاب الرجا فيك
ارخصت ما ضينا وغيرت مبداك
وين الحنان اللي مقره محانيك
وين الضمير اللي عن الغدر ينهاك

وحال نايف صقر ليست أحسن من غيره في هذا الجانب فسعيه إلى معذبه لا يرد إلا بالمزيد من الإعراض والتجاهل والإصرار على الإحراق، ولأنّ المحب لا يصدق أو لا يريد أن يصدق أو لا يريد أن يتصور ولو سهواً أنه هجر أو يتمنى أن تكون مزحة عابرة من محبوب يحق له ما لا يحق لغيره، يسعى جاهداً إلى التذلُّل والتنازل عن كبريائه وينادي وربما لا مجيب.


لي صاحب هجره غرابيل وشهور
ياما تذكرته وصال.. ونساني
في خاطري من عشقه طعون وكسور
ليته يحن اللي وصلني كفاني

وحين يُفاجأ متعب التركي يصد من يريد يظن بقلبه البريء أنّ الهجر الذي وقع له ناتج عن قدرة وشيء يمكن ان يكتسبه بالتعلُّم والتدريب والتعوُّد ويرجو من قاتله الذي لم يرق لحاله أن يهدي إليه الطريقة المثلى لممارسة النسيان ولكن هيهات:


نسيتني علمني اشلون ابنساك
في هالزمن نسيان الاحباب عادي
وشلون اعيش اللي بقا لي بلياك
لا من غدينا كل واحد بوادي

وللجميع تحية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved