كثير من الآباء لا يدركون عواقب إهمال فحص النظر عند الطفل منذ ولادته، خاصة أن هناك من الأمراض ما يسهل علاجها قبل أن يتجاوز الطفل عمراً معيناً ومن الأمور المهمة التي تحدث عند بعض الأطفال منذ ولادتهم الحول ولكن مع التقدم العلمي في هذا المجال أصبح بالإمكان معالجته، حيث يسهل كلّما بدا العلاج مبكراً.
وبخصوص هذا الموضوع التقينا الدكتور عبدالرزاق الجزازي استشاري طب وجراحة العيون بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي.
* قبل الحديث عن الحول وحالته.. هل لك بداية أن تخبرنا وتعرف لنا الحول؟
- الحول هو عيب بصري تكون فيه العينان غير مستقيمتين وتنظران إلى اتجاهين مختلفين. وقد تكون عدم الاستقامة ملحوظة دائماً أو أنها قد تظهر وتختفي، حيث تكون إحدى العينين متجهة للأمام مباشرة بينما العين الأخرى تنحرف إلى الداخل أو إلى الخارج أو إلى أعلى أو إلى أسفل، علماً بأن العين المنحرفة قد تستقيم في بعض الأحيان وتظهر العين المستقيمة انحرافاً أحياناً أخرى.
ويعد الحول حالة شائعة تصيب الأطفال وتصل نسبتها 4% عند الذكور والإناث على حد سواء، إضافة إلى إمكانية حدوثه في مرحلة لاحقة من العمر، آخذين بعين الاعتبار أن الحول قد يصيب أكثر من فرد في العائلة أو قد يصيب الأشخاص الذين ليس لهم أقارب مصابون بهذه الحالة.
* ونسمع عن كسل العين الوظيفي.. ما علاقته بالحول؟
- إن عدم استقامة العينين في مرحلة الطفولة قد يسبب تدنياً في القدرة البصرية أو كسلاً في إحدى العينين، حيث يستقبل المخ الصورة الآتية من العين التي ترى بشكل أفضل متجاهلاً الصورة الآتية من العين الضعيفة وعادة ما تكون العين غير المستقيمة، وهذا الأمر يحدث مع نصف الأطفال المصابين بالحول تقريبا.
ويمكن علاج كسل العين عن طريق تغطية العين التي يفضل الطفل الرؤية بها أو التي توفر الرؤية الأفضل للطفل وذلك بهدف تحقيق الاستقامة للعين الأضعف وتحسين القدرة البصرية بها.
* وماذا عن أسباب الحول؟
- إن الأسباب المؤدية للحول ليست واضحة ومحددة تماماً، حيث إن هناك ست عضلات تتحكم في حركة العين وهذه العضلات متصلة بالجزء الخارجي للعين. ولكي يمكن تثبيت وتركيز كلتا العينين على هدف مرئي واحد يجب أن يكون هناك توازن وتنسيق في العمل بين العضلات الست الموجودة في العين والعضلات المناظرة لها في العين الأخرى.
* وماذا عن اكتشاف الحالة وتشخيصها؟
- ينبغي إجراء فحص للأطفال من قبل طبيب العائلة المختص أو طبيب الأطفال أو طبيب العيون أثناء مراحل الطفولة المبكرة وخصوصاً قبل دخولهم المدرسة، وذلك للكشف عن أي احتمال لوجود أمراض بالعين. ويكون هذا الأمر مهماً إذا كان أحد الأقارب لديه حول أو كسل بالعين. وغالباً ما يكون الأمر صعباً لتحديد الفرق بين العينين التي قد يبدو بها حول أو التفريق بين الحول الكاذب والحول الحقيقي. فغالباً ما يكون الأنف لدى الأطفال الرضع عريضاً ومفلطحاً مع وجود ثنية داخل الجفن التي قد تخفي العين عند التحديق جانباً الأمر الذي قد يظهر العينين كأن بهما حول وهو ما يسمى بالحول الكاذب.
وهذه الحالة تتحسن مع نمو الطفل، أما الحول الحقيقي فلا يتحسن مع نمو الطفل إذا تجاوز عمره أربعة أشهر. وبإمكان طبيب العيون تمييز حالات الحول الحقيقي من الحول الكاذب.
* هل علاج الحول ضروري؟
- نعم، عند علاج الحول يتم المحافظة على القدرة البصرية للعين، وتحقيق استقامة العينين، واستعادة القدرة على الإبصار بكلتا العينين في وقت واحد. ويختلف علاج الحول من حالة إلى أخرى باختلاف السبب المؤدي للإصابة، حيث قد يشمل العلاج استخدام النظارات الطبية أو عملية جراحية لتعديل وضع عضلات العين، أو استئصال الساد (عدسة العين المعتمة)، أو تصحيح أي عيوب أخرى قد تكون هي السبب في انحراف العين عن وضعها الطبيعي.
وعلى ضوء الفحص العيني الشامل لأجزاء العين الداخلية والخارجية، يقرر طبيب العيون نوعية العلاج الملائم للحالة سواء كان علاجاً بصرياً أو طبياً أو جراحياً، وقد يتطلب الأمر علاجاً يجمع بين اثنين أو أكثر من هذه العلاجات معا، إضافة إلى تغطية العين السليمة بهدف تحسين القدرة البصرية في العين المصابة الذي يكون غالباً ضرورياً.
* هل هذا يعني أن هناك أنواعاً للحول؟
- بالتأكيد فهناك ما يسمى الحول الداخلي (الحول الإنسي) وهو انحراف العين نحو الداخل وهو أكثر أنواع الحول شيوعاً لدى الأطفال الصغار.
والأطفال المصابون بالحول الإنسي لا يستخدمون كلتا العينين معاً وتكون هناك حاجة لعملية جراحية لعلاج حالات الحول الإنسي الخلقي وتحقيق استقامة العينين. وتكون الجراحة عن طريق شد أو ارخاء أو تغيير موقع بعض عضلات العين أو كليهما.. كما أن هناك الحول الإنسي التكيفي الذي يحدث لدى الأطفال المصابين بطول النظر الذي عادة ما يحدث عند سن الثانية فما فوق إلا أنه في بعض الأحيان يمكن أن يحدث في سن مبكرة عندما يكون عمر الطفل ستة أشهر، ويكون العلاج المبدئي لهذه الحالة هو وصف النظارات الطبية أو وسيلة أخرى من وسائل التصحيح البصري، حيث تقوم بتخفيف الجهد الذي يبذل من أجل التركيز البؤري وهو الذي يسبب عدم استقامة العينين، وقد يصف الطبيب نظارات طبية مزدوجة العدسة لأغراض الرؤية القريبة كما يمكن أيضاً وصف قطرات ومراهم من أجل تحقيق استقامة العينين، وقد تفيد بعض التمرينات الخاصة بالعين الأطفال الأكبر سناً.
وهناك الحول للخارج (الحول الوحشي) وهو انحراف العينين نحو الخارج ويعد من الحالات الشائعة للحول. ويحدث هذا النوع من الحول في أغلب الأحيان عندما يركز الطفل بصره على أهداف بعيدة.
وغالباً ما يحدث الحول الوحشي بصورة متقطعة خاصة عندما يكون الطفل غارقاً في أحلام اليقظة أو مريضاً أو متعباً.
وفي معظم الأحوال يلاحظ الوالدان انحراف إحدى العينين لدى الطفل عند تعرضه إلى ضوء الشمس الساطع أو إغلاق عينه في الضوء المبهر. وعلى الرغم من أن إجراء تمرينات للعين، أو ارتداء نظارات طبية أو عدسات موشورية يمكن أن يساعد في الحد من انحراف العين للخارج أو يساعد في السيطرة على هذا النوع من الحول لدى بعض الأطفال، إلا أن الجراحة قد تكون ضرورية في أغلب الأحيان.
* وكيف تتم الجراحة في علاج الحول؟
- إن جراحة الحول لا تتطلب إخراج كرة العين من محجرها، ويتم خلال جراحة إصلاح الحول عمل شق صغير في الأنسجة التي تغطي العين، حيث يسمح ذلك للجراح بالوصول إلى عضلات العين الموجود تحت هذه الأنسجة.
ويعتمد اختيار العضلات التي يتم تعديل وضعها على الاتجاه الذي تنحرف إليه العين، وقد يكون من الضروري إجراء الجراحة في إحدى العينين أو كليهما.
وإجراء جراحة الحول للأطفال تتطلب استخدام التخدير الكامل، أما لدى المرضى الكبار فيمكن استخدام التخدير الموضعي. وتستمر الحاجة إلى ارتداء النظارات أو العدسات الموشورية بعد الجراحة. وقد يحدث تصحيح زائد أو ناقص للحول، الأمر الذي قد يستلزم إجراء جراحة أخرى.
وينصح بالتدخل الجراحي المبكر لتصحيح الحول عند الأطفال الرضع، حيث إن إمكانية نمو البصر بصورة طبيعية في كلتا العينين قد تتحقق بمجرد استقامة العينين.
ومع تقدم الطفل في العمر تتناقص فرصة نمو الرؤية بكلتا العينين معا على الرغم من إمكانية تحسن الرؤية الجانبية.
وعلى هذا يتم توقيت إجراء الجراحة من قبل طبيب العيون بدقة وحسب كل حالة على حدة، فمثلا ينبغي عادة علاج كسل العين الوظيفي قبل إجراء جراحة تصحيح الحول.
وجراحة الحول تعد كأي جراحة أخرى، حيث يمكن حدوث بعض المضاعفات مثل الالتهابات أو حدوث نزيف أو ندوب كثيرة وبعض المضاعفات النادرة الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى فقد البصر الخ.. إلا أنه بشكل عام تعد جراحات الحول من الجراحات الآمنة وتعد علاجاً فعالاً لحالات عدم استقامة العينين، وينبغي مع ذلك ملاحظة أنها ليست بديلاً لاستخدام النظارات الطبية أو الوسائل العلاجية لحالات كسل العين.
|