ان هشاشة العظام (Osteoporosis) هو مرض صامت ناتج عن تراجع مزمن في عملية بناء العظام، مما يؤدي لنقص حجم المادة العظمية ولتخرب النسج المكونة وبالتالي لوهن العظام وهشاشتها وزيادة قابليتها للكسر (خصوصاً عنق الفخذ، العمود الفقري، الرسغ)
فهو من الأسباب المرضية الاكثر انتشاراً مؤدياً في احيانٍ كثيره للعجز واحياناً للموت، وهذا ما دفع معظم الدول الغربية لجعله هدفاً أساسياً للعناية الصحية، وكذلك لتخفيف المصاريف الباهظة التي تكلفها العناية بالمصابين بهذا المرض (فمثلاً في مجموعة الدول الاوربية بلغت تكاليف علاج هذا المرض لسنة 2004 ما يزيد على 17 بليون دولار، ويقدر بلوغ 250 بليون دولار بعد خمسين سنة، وينتشر هذا المرض عند النساء أكثر من الرجال وخصوصاً عند من تجاوز سن الـ 45 سنة (وذلك يتزامن مع انقطاع الدورة الشهرية) والبحث عن هشاشة العظام يتم أيضاً عند الأشخاص الذين عندهم عوامل خطورة مهيئة لهذا المرض مثل تقدم السن، التدخين، تعاطي الكحول، وتناول الكورتيزون لمدة طويلة ونقص التغذية والتمارين الرياضية وقلة التعرض للشمس وفقر الدم وغيرها.
ومخبرياً هناك العديد من التحاليل التي تساعد الى حد كبير في تشخيص مرض هشاشة العظام مثل (نسبة الكالسيوم، الفوسفور، خميرة الفوسفتار القلوية الخاصة بالعظم، ونسبة فيتامين د) وكثيراً ما يتم طلب عمل تحاليل لامراضٍ تسبب ثانوياً مرض هشاشة العظام مثل أمراض الغدة الدرقية، الغدة نظيرة الدرقية، فقر الدم. ولعل أهم التحاليل المخبرية التي تساعد على كشف مرض هشاشة العظام، تلك التي تحدد نسب المواد الناتجة عن تفكك النسج الأساسية في العظام. ويجدر الذكر أن العظام هي نسج حية تنمو بشكل مستمر وهي تمر بطورين طور التكوين لتوليد نسج جديدة وطور التخريب أو التفكك حيث يتم التخلص من النسج القديمة، والتوازن الموجود بين هذين الطورين يؤدي لتكوين العظم السليم وأي خلل في هذا التوازن يؤدي إلى تخريب في تكوين العظام، وللمختبر دور مهم في تحديد مدى هذا الخلل وذلك بعمل التحاليل الخاصة.
من أهم هذه التحاليل مركبات مادة الكولاجين (collgen) من النمط1 type1 حيث أظهرت الدراسات العديدة أهميتها كمؤشر لتخرب المادة العظمية، وبذلك نسبتها ترتفع مع زيادة هذه العملية، من أهم هذه المواد مادة NTx ومادة CTx وهما مادتان تمثلان اطراف الروابط بين جزيئات الكولاجين ويمكن تحديد نسبتها في البول، وحالياً يتم أيضاً معايرتها في الدم وبشكل دقيق، ومما يميز معايرتها بالدم، كونها لاتتأثر بالتغيرات الفيزيولوجية للمريض مقارنة بطرق المعايرة في البول، حيث يمكن أن تتأثر بعوامل كثيرة منها وظائف الكلية والنظام الغذائي وهناك من يقول إنها تتأثر حسب وقت تجميع البول صباحاً أم مساءً.
من المركبات الأخرى التي يتم معايرتها بالبول (وهي تخضع لنفس الملاحظة السابقة) Hydroxyproline مادة هيدروكسين برولاين، مادة بيريد اينو لاين، ودي هيدروكسين بيريد اينولاين وهناك المعايرات التي تساعد على تقييم عملية البناء العظمي ومن اهمها الاوستيوكالسين (osteocalcin) وخميرة الفوسفاتاز القلوية العظمية وبالنسبة لعمل هذه التحاليل كما هو الحال في كل العمل المخبري فهو يحتاج لجودة وأمانة لإمكانية لصق طابع المصداقية عليها. عملياً بالنسبة للتحاليل الروتينية كالكالسيوم والفوسفور وخميرة الفوسفاتاز القلوية فهي تتم بطرق عادية ولا تحتاج لطرق معقدة لعملها، أما معايرة فيتامين D فللآن تظل طريقة استعمال المواد المشعة الطريقة المعتمدة للحصول على نتائج صحيحةٍ، وبالنسبة لمركبات CTx NTx، فالطرق المطروحة عديدة والكثير منها طرق يدوية وبالنسبة لنا فاننا نقوم بعملها على أجهزة معتمدة ومن شركات معترف بها، حيث يكون تدخل العامل البشري قليل مما يرفع من مستوى الدقة وذلك ضمان لصحة النتائج وأهمية هذه النقطة تتماشى مع أهمية التحاليل ونتائجها في تشخيص مرض هشاشة العظام مبكراً وكذلك لمتابعة الاستجابة للعلاج وهذا مايزيد من هذه الأهمية مقارنة بطرق الاشعة واهمها مقياس الكثافة العظمية BMD (Bone Deusity Meaourement) التي تعتبر حجر الأساس في تشخيص مرض هشاشة العظام ولكن تحتاج إلى مهارة وخبرة للعاملين بها، إضافة إلى ضرورة عملها في اماكن عدة من الجسم وعن مراقبة العلاج فمقياس BMD يحتاج لوقت طويل لإظهار النتائج بينما معايرة NTx اوCTx تعطي فكرة خلال فترة قصيرة فيما إذا كانت المعالجة ناجحة أم لا.
الدكتور - عماد حكواتي استشاري تحاليل طبية ومدير المختبر بالمركز |