* الرياض - أحمد القرني:
لم يكن مستغربا أن يعلن الدكتور حمد المانع وزير الصحة إقرار تطبيق زيادة رواتب العمال الموسميين في رش الآبار والمستنقعات وغير ذلك من المواقع للقضاء على الملاريا ليكون وزيراً استثنائياً في العمل الميداني.
ففي السادسة صباحا كان وزير الصحة أول من ارتدى زي المكافحة، وحمل على كتفه مضخة الرش وقام برش المنازل والمستنقعات في كل من الخوبة وقرى وهجر جازان ومركز الفرشة بتهامة قحطان التابع لمحافظة رجال ألمع للقضاء على الملاريا، ثم قاد فرق الرش في مركز الربوعة، والفرشة وآل مفتاحة وأودية ردم بالإضافة لمراكز البرك والقحمة ومحايل عسير والمجاردة، ووقف على اعمال فرق الرش الفراغي، والتضبيب الحراري.. وذلك إيذانا لانطلاق حملة الوزارة التي بدأت مطلع شهر شعبان الجاري ضمن مشروعها الوطني للقضاء على الملاريا تحت شعار (وطن بلا ملاريا) في عدد من المحافظات والقرى بمنطقتي جازان وعسير وسهول تهامة حيث هنالك 214 واديا وشعبا تجري في منطقة جازان وتبلغ أطوالها 2207 كيلو مترات إضافة إلى 12770 موقعاً لتجمعات المياه الأخرى من برك ومستنقعات وأحواض أسمنتية.
كما تستهدف الحملة القضاء على الملاريا من خلال مكافحة البعوض البالغ، برش المنازل بالمبيد ذي الاثر الباقي، ومصادر التكاثر، إلى جانب الوقوف على بعض المستنقعات المائية.فلم يطلق الوزير الحملة من مكتبه بالوزارة في الرياض ولكنه بادر بالنزول في المناطق التي في حاجة شديدة للوقاية من أمراض خطيرة مثل الملاريا وحمى الضنك، وذلك اقتداءً بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان -حفظه الله - سباقا في التلاحم مع أبناء الوطن والوقوف على أحوالهم في مناطقهم وأحيائهم ومنازلهم، ومن هنا تأتي جولة وزير الصحة في هذه القرى والمحافظات تفعيلا لتوجيهات قائد مملكة الإنسانية وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله- في ضرورة توفير أفضل مستوى من الخدمات التي تليق بالمواطنين.
وهكذا تشهد منطقتا جازان وعسير أضخم حملات المكافحة والوقاية من الأمراض تقوم بها وزارة الصحة، حرصا على صحة سكان هذه المناطق من مواطنين ومقيمين وزوار، حيث يشارك في تنفيذ اعمال الحملة 81 فريقاً حقلياً وسبعة فرق حشرية وأربعة فرق طبية و11 فريقاً للرش الفرعي، وسبعة فرق للإشراف الفني ينفذها ميدانياً 470 عامل رش إلى جانب 81 مراقباً صحياً و163ملاحظاً، وثمانية من فنيي المختبرات، وطبيبين، بالإضافة لـ115 سائقاً، حيث تم تخصيص 1127 عاملا موزعين على 178 فرقة و17 سيارة بمضخات حديثة و177 مضخة محمولة على الظهر و76 على الكتف و13 مضخة خاصة بالمستنقعات.
وعن أهداف الحملة أكد الدكتور وزير الصحة أن المشروع يأتي في إطار جهود الوزارة المبرمجة لاستئصال الملاريا من المملكة إذ ان القضاء على الملاريا واستئصالها في البلاد يعدّ من الأولويات الاستراتيجية التي وضعتها وزارة الصحة، مؤكدا أن المشروع يتمثل في رش البعوض الناقل للملاريا ومكافحة حشرة البعوض من خلال العديد من المحاور تشمل الرش الفراغي بين المنازل وداخلها ورش المسطحات المائية لمكافحة أماكن تكاثر اليرقات مع عمل المسوحات الدموية من خلال الاستكشاف الحشري وتكثيف النقاط الحدودية وزيادتها لاستكشاف وعلاج حمى الملاريا، مشيراً إلى أن المشروع سيشمل العديد من المدن والمحافظات في منطقتي جازان وعسير ووادي بيش وسد جازان ووادي فرشة وتهامة وسراة عبيدة وخشم عنقار ومنطقة ظهران الجنوب ومركز الخوبة.
كما يشمل المشروع زيادة وإضافة عدد وحدات الفحص والعلاج في المناطق الحدودية مع الجمهورية اليمنية، إذ سيتم إضافة عشر وحدات بالمناطق الحدودية في جازان وإنشاء 8 وحدات للفحص والعلاج بالمناطق الحدودية في منطقة عسير.
وأوضح المانع أهمية الحملة الوطنية للقضاء على الملاريا في كل من جازان وعسير وسهول تهامة، مؤكدا حرص قيادة المملكة على تنفيذ الحملة وتنفيذ جميع المشروعات التنموية التي تخدم المواطن في جازان وغيرها من المناطق مشيداً بتفاعل كافة أبناء المنطقة مع الحملة مضيفاً أن أحد المشايخ في قرية (عامود) التابعة لجبل (حشر) ويدعى علي بن شويعر غضب حينما مر موكب الوزير خلال الجولة ولم يقف بقريته حيث ان زيارة القرية لم تكن مجدولة في الزيارة وطلب من الوزير ومرافقيه ان يعودوا إليه في القرية بعد أن قطعوا عدة كيلو مترات وصولاً إلى قرية أخرى وعاد الوزير ومرافقوه إلى قرية (عامود) ولم يشفع له الاعتذار لدى شيخ القرية حتى وضع اللائمة على الدكتور خالد مرغلاني المشرف على الإعلام والتوعية الصحية وذكر بأنه هو المسؤول عن هذه الزيارة وسط غضب شيخ القبيلة الذي لم يرض إلا بعد أن ضيّف الوزير ومرافقيه ومشاركتهم في أداء العرضة مع أهالي القرية معتبراً ذلك خطأً شنيعاً.
وأشار وزير الصحة إلى أن الحملة ستستمر حتى يتم القضاء على الملاريا كليا بحول الله تعالى، مشددا على أهمية التعاون بين الجهات المعنية داخل المملكة والمواطن في المناطق المستهدفة بالحملة، مما سيسهل عملية القضاء على الملاريا من خلال العمل الدائم والمستمر، وتضافر جهود الجميع مبرزا النتائج الطيبة بين وزارتي الصحة السعودية واليمنية في هذا المجال. وأكد المانع حرص وزارتي الصحة في المملكة واليمن على محاربة الملاريا والقضاء عليها، مشيرا لما تم التوصل إليه من حيث الموافقة على بدء عمليات الرش في القرى الحدودية بين البلدين ومكافحتها والعمل على السماح بدخول فرق الرش من الجانبين للقرى الحدودية، والقيام بعمليات الرش، إضافة لما قدمته المملكة من دعم للجانب اليمني في هذا المجال، حيث قدمت السعودية عشرة ملايين دولار لمكافحة المرض، 10سيارات مجهزة لعمليات المكافحة، إضافة إلى دعم الوزارة فرق الرش الموجودة داخل المملكة بسيارات حديثة، وعمالة وطنية مؤهلة في هذا المجال. وتعددت مفاجآت وزير الصحة في هذه الجولة والتي بدأت بقيادة فرق الرش وحمل المضخة للرش داخل المنازل، ثم الحرص على محاورة ونقاش الفنيين والعمال حول مشكلات العمل وكيفية حلولها، ليفاجئهم بزيادة رواتب العمال الموسميين العاملين في رش الآبار والمستنقعات وغير ذلك من المواقع للقضاء على الملاريا بنسبة 15في المائة، ولكن أولى المفاجآت كانت عندما فاجأ الدكتور حمد المانع مستقبليه في مطار جازان بتغير مسار السيارة التي كانت تقله إلى مقر إقامته لتتجه به إلى مستشفى الملك فهد مباشرة في زيارة غير مجدولة.
وكانت الترسبات المائية في سقف غرفة العمليات الكبرى أولى الملاحظات التي اثارت انتباه الوزير إلى جانب عدد من الملاحظات الأخرى. ثم تفقد الوزير المانع اقسام واجنحة المستشفى وعمليات الترميم واعادة التأهيل التي تخضع لها وابدى بعض الملاحظات الانشائية ودعا إلى ضرورة مراقبة اعمال الشركات المتعهدة منعاً للاخطاء. وعقب ذلك عقد وزير الصحة اجتماعا طارئا مع قيادات الوزارة والمسؤولين بالمستشفى لبحث مشاريع الصيانة ومتابعة تنفيذ الخطط.
من جهته كشف الدكتور خالد المرغلاني المشرف العام على قسم الاعلام والتوعية الصحية والمتحدث الرسمي بالوزارة عن خطة الوزارة لتنفيذ برنامج حملتها الوطنية (وطن بلا ملاريا) على ان تشرع بتنشيطه في الساحل الغربي، بعد انجازه في منطقتي جازان، وعسير، معللاً انطلاق فعاليات الحملة منهما، كون موسم الامطار بدأ فيهما فعلياً وشهدتا خلال الأيام الماضية امطاراً غزيرة ما يؤهلهما لتشكيل بيئة خصبة ومثالية لتكاثر البعوض في الاودية والمستنقعات. مضيفاً ان د. المانع سيفتتح خلال تدشينه فعاليات الحملة 10 نقاط جديدة كي يستحدث ولأول مرة 8 نقاط حدودية في منطقة عسير. وأضاف د. المرغلاني ان الخطة تتركز على مكافحة البعوض الناقل لامراض الملاريا وحمى الضنك، باستهدافه من خلال آليات الرش الضبابي، والسطحي والجداري، الذي يستمر مفعولها لمدة 3 اشهر بهدف استئصال يرقات البعوض من المسطحات المائية وبؤر تكاثرها.
مشيراً إلى أن المشروع سيعمل على نصب النقاط الحدودية لفحص عينات الدم وتشخيص الحالات وعلاجها اذا لزم الامر، منعاً لانتشار الامراض من قبل الحالات الوافدة لافتاً إلى أن منطقة جازان تحتضن 23 نقطة حدودية في المملكة بمركز معلومات موحد.
من جهة أخرى بدأت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة جازان في تنفيذ خطة عمل وإستراتيجية للقضاء العاجل على الملاريا من خلال المشروع الوطني لتصبح المملكة بلا ملاريا، وذلك من خلال القضاء التام على الطفيل المسبب للمرض لدى حامليه في كامل المنطقة، وخفض كثافة البعوض الناقل إلى درجة لا تمكنه من أحداث أي نقل محلي من أي مصدر محتمل للطفيلي سواء كان محلياً بالمنطقة أو وافداً إليها.
|