تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - تنطلق - بمشيئة الله - تعالى فعاليات مسابقة الملك عبد العزيز الدولية الثامنة والعشرين لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد اليوم الاثنين الحادي عشر من شهر شعبان الجاري 1427هـ، وتستمر إلى السابع عشر منه، في رحاب مكة المكرمة، ويشارك فيها مائة وواحد وسبعون متسابقا من ست وخمسين جنسية من مختلف أنحاء العالم.
***
وأعرب معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - في تصريح له بهذه المناسبة - عن شكره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أيده الله - على تفضله برعاية المسابقة وعنايته بكتاب الله تعالى وبحفظه وتشجيعه ودعمه لهم، موضحا ان المملكة العربية السعودية هي دولة القرآن وحاملة لوائه، وخادمة بيت الله العتيق، وراعية الحرمين الشريفين وارتباط هذه الدولة بالقرآن الكريم هو ارتباط قديم قام على نشر هداية القرآن وتحكيمه، مشيراً إلى ان هذه البلاد المباركة - رعاها الله - ابتداء من مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وجميع من خلفه من أبنائه جعلوا خدمة القرآن الكريم أسمى الغايات وأنبل الأهداف، وبذلوا لتحقيق تلك الغايات شتى الوسائل والسبل.
وأبرز معاليه مكانة كتاب الله العزيز في حياة الأمة، قائلاً: ان القرآن العظيم هو كتاب الله المعجز بألفاظه ومعانيه وأخباره وأحكامه وآياته وبراهينه، أنزله الله هداية للناس أجمعين، ليخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة كما قال تعالى: (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(1) سورة إبراهيم، وهو أعظم ما ابتغى به الأجر وعرف به الحق، مضيفا ان القرآن الكريم أفضل الذكر، لأنه مشتمل على جميع الذكر من تهليل وتذكير وتحميد وتسبيح وتمجيد، وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والأمر بالتفكر في آياته، فقد جاءت النصوص في فضل القرآن الكريم متواترة في الكتاب والسنة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) (29)سورة
فاطر.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) الحديث، والقرآن الكريم كتاب الله العظيم، وحبله المتين، وصراطه المستقيم من تمسك به هدي، ومن اعرض عنه ضل، قال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)(23)سورة الزمر. والرسول - صلى الله عليه وسلم - بين فضل من اشتغل بتعلمه وتعليمه، فقال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
وأكد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ ان هذا القرآن العظيم ضد الإرهاب والغلو بجميع أنواعه، وان هذا القرآن هو الذي يقر حقوق الإنسان، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (70) سورة الإسراء. ومع ان هذا القرآن الكريم هو الذي يدعو إلى انفتاح مأمون في أنواع المدنية وأنواع الإصلاح الاقتصادي، والتعليمي، والديني في الأخذ بالأصول العظيمة التي لا حياد عنها، لان القرآن يبقى إلى قيام الساعة، وهو الصالح لكل زمان ومكان، فكان من اللوازم ان يكون الناس في أخذهم للقرآن الكريم ان يكونوا متجددين بتجدد القرآن الكريم إلى قيام الساعة، وان لا يكونوا سببا في إعاقة إيصال هداية القرآن الكريم إلى النفوس.وقال: ان القرآن العظيم يصرخ في وجوه هؤلاء الذين جعلوا القرآن شعارا لهم، ولكنهم افسدوا في الأرض وحاربوا الله ورسوله، والله سبحانه وتعالى طعنهم، وأبطل قولهم بقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) (206) سورة البقرة. هؤلاء الذين اخذوا بالإرهاب فكفروا، ثم فجروا، ان هؤلاء يدعون أنهم يحسنون صنعا والله سبحانه وتعالى ينبئنا عنهم بأنهم إذا تولوا سعوا في الأرض ليفسدوا فيها، وأهلكوا الحرث والنسل ووقائع أعمالهم شاهدة على ذلك، قال سبحانه وتعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) (12) سورة البقرة. مشيراً إلى ان النصوص الشرعية من الكتاب والسنة كثيرة تحث النفوس المؤمنة على التنافس في العناية بهذا القرآن العظيم، تلاوة وتدبراً وعملا واستشفاء على المستوى الفردي والجماعي، كما سجل التاريخ صفحات مشرقة لما كان عليه السلف الصالح من العناية بالقرآن الكريم، وتعاهد حفظه، وتعليمه، والعمل به مثنياً معاليه على إنجازات هذه الدولة المباركة لخدمة كتاب الله - تعالى -، وهو إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، الذي يعد بحق اعظم صرح في مجال العناية بالقرآن الكريم، طباعة وتصحيحا وترجمة لمعانيه ونشرا له في جميع أنحاء المعمورة، وكذلك مكرمة تخفيف مدة السجن عمن يحفظ كتاب الله - تعالى -، تشجيعا له على الإقبال على تعلم القرآن الكريم وحفظه، وتوجيه اهتمامه اليه.
كما قامت الدولة بإنشاء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، واحتضانها ورعايتها ودعمها ماديا ومعنوياً.واعتبر معاليه إجراء المسابقات القرآنية مظهرا من مظاهر عناية المملكة بالقرآن الكريم وأهله، مؤكدا ان هذا الاهتمام من ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة نابع من إدراكهم الراسخ لأهمية القرآن الكريم، وأثره المبارك في قيام هذه الدولة، وحصول ما ينعم به هذا المجتمع الكريم من سبوغ الأمن، ورغد العيش، واجتماع الكلمة، وتآلف القلوب، وقوة المكانة بين الأمم، ذلك ان القرآن الكريم يدعو لكل خير، وينهي عن كل شر ويهدي إلى المجد، والسؤدد، قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) سورة الإسراء. وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (90) سورة النحل.
وأفاد معاليه - في سياق تصريحه - ان يكون سعي هؤلاء المتسابقين في هذه المسابقة التي تنظمها الوزارة سنوياً من مختلف الأقطار والدول إلى هذا البلد المبارك يتسابقون في القرآن الكريم وفي تلاوته وحفظه وتجويده، وتفسيره مدعاة إلى سعي آخر وهو إلى ان يمتثلوا للقرآن الكريم إذا رجعوا إلى بلادهم، مؤكداً معاليه ان المسابقة ستشهد - إن شاء الله تعالى - المزيد من التطوير والتجديد في برامجها وأعمالها، لتحقيق الأهداف والغايات السامية التي من أجلها أقيمت.
ورفع معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظهما الله - على جهودهما الجليلة في خدمة الإسلام والمسلمين، ودعمهما وتشجيعهما المستمرين لأعمال وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في مختلف الأصعدة، مما كان له الأثر الكبير في إنجازها لكل مسؤولياتها وواجباتها على الوجه الأكمل.الجدير بالذكر ان المسابقة - التي بدأت في عام 1399هـ، وبلغ عدد المشاركين بها حتى الآن 4.408 متسابقين - تهدف إلى الاهتمام بكتاب الله الكريم والعناية بحفظه وتجويده وتفسيره، وتشجيع أبناء المسلمين من شباب وناشئة على الإقبال على كتاب الله حفظا وعناية وتدبرا، كما تهدف إلى ربط الأمة بكتاب ربها، فهو سبب عزها في الدنيا وسعادتها في الآخرة.
|