تعد الإجازة الصيفية فرصة سانحة للترفيه والسفر والاستفادة في ذات الوقت بعيداً عن القاعات الدراسية والفصول المدرسية، وقد تنوعت في صيف هذا العام البرامج التي تبنتها قطاعات مختلفة حكومية وخاصة شعوراً منها بواجبها تجاه الشباب والنشء ذكوراً كانوا أو إناثاً، وربما بحثاً عن العائد المادي من وراء ما يقدم من برامج ولا ضير في ذلك إذا كان في دائرة المعقول، وعلى رأس هذه المؤسسات وزارة التربية والتعليم من خلال الأندية الصيفية والمهرجانات والرحلات والملتقيات المتنوعة، والهيئة العليا للسياحة التي تقف خلف كثير من فعاليات المهرجانات السياحية في مناطق المملكة المختلفة وتدعمها مادياً وتسويقياً وإعلامياً، والهيئات العليا للتطوير، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، والجمعيات الخيرية، وفروع وزارة الشؤون الإسلامية في مناطق المملكة المختلفة، والغرف التجارية الصناعية، وأهل الخير وأصحاب المال والأعمال بصفتهم الشخصية، مع التواري الملحوظ والمستغرب لبعض المؤسسات والهيئات المتوقع حضورها بشكل رسمي وبقوة في بعض مناطق المملكة مثل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة في الأندية الرياضية. والذي أراه هنا أننا بحاجة للتغذية الراجعة والقراءة المتأنية لأنشطة صيف هذا العام من خلال مشروع وطني يقوم أولاً بتقويم هذه الجهود ويعزز نقاط القوة فيها التي تحقق من جرائها فائدة إيجابية على أبنائنا وأهلينا على وجه العموم، ويقف مع نقاط الضعف ويحدد معالمها ويبين سبل علاجها في المواسم القادمة بإذن الله، يجيب عن الأسئلة التي يطرحها كل مراقب وراصد لما هو صائر منا نحن السعوديين في صيفنا داخلياً وخارجياً، ومنها:
- ما مدى ملائمة فعاليات المهرجانات الصيفية لميول المواطن السعودي ورغباته، وهل استطاعت بالفعل جذب السائح إليها؟ وذكرت جريدة الحياة في عددها الصادر في يوم الأربعاء الماضي أنها وصلت إلى 20 ألف فعالية، أم أن حضوره لها كان عرضاً؟ فهو جاء لهذه المنطقة أو تلك لأمر آخر ومر مرور الكرام على إحدى الفعاليات بدافع حب الاستطلاع.
- ما السلبيات والإيجابيات لهذه المهرجانات، وهل كانت الفعاليات موجهة إلى جميع الفئات وتلبي رغبات الأطياف كلها، وتحقق فيها الجمع بين المتعة والتسلية والفائدة؟
- هل جميع المناطق والمحافظات التي احتضنت مهرجانات صيفية، وفاق عددها أكثر من 26 منطقة ومحافظة ملائمة بأجوائها وقدراتها لتنظيم مثل هذه المهرجانات؟ وهل كان لهذه الفعاليات أهداف واضحة في أذهان المنظمين وكانوا جادين لتحقيقها في صيفنا السعودي، واستضافوا منهم أهلاً لتحقيق ذلك أم أنها العلاقات الشخصية؟
- هل كان الإعلام السعودي المرئي والمسموع والمقروء مشاركاً فاعلاً في موسمنا السياحي الحافل بالمهرجانات المتنوعة؟
- هل أثرت هذه الجهود على حركة السفر والسياحة الخارجية للسعوديين، أم أنها لم تغير ولم تحرك ساكناً؟ جريدة الرياض في عددها الخميس الماضي وفي الصفحة الأخيرة على وجه التحديد تقول: (صرفوا ما يقارب 34 مليار ريال.. انتهت العطلة، ثلاثة ملايين سائح سعودي جالوا خلالها أرجاء العالم، 25% من الثلاثة ملايين مواطن قضوا إجازتهم في الداخل وصرفوا ما قيمته 18% من 34 مليار ريال سعودي!! ليس هذا فحسب، بل يتوقع الأستاذ مهيدب المهيدب رئيس لجنة وكلاء السفر بالغرفة التجارية الصناعية في الرياض والمدير العام لمجموعة الصرح للسفر والسياحة الذي جاء على لسانه ما ورد أعلاه، يتوقع مستقبلاً واعداً لتايلند 300%!
إننا بحاجة إلى لجنة وطنية تحت أي مسمى وفي أي مكان تضع شعاراً وطنياً موحداً لهذه الأنشطة، وتدرس حاجيات أبنائنا وبناتنا الثقافية والترفيهية وتقيم وتخطط وتحدد الأهداف وترسم الإطار العام لهذه الأنشطة في السنوات القادمة - بإذن الله - دون الدخول في التفاصيل وتوزع المهام المنوطة بهذه القطاعات وتحدد المسؤوليات وتوحد الجهود حتى لا تكون هناك ازدواجية في العمل وتناقض في المسار مع العمل الجاد من الجميع على تذليل العقبات، ولو عقدت إحدى جلسات مجلس الشورى الموقر لدراسة هذا المشروع الوطني المقترح، وخرج المجلس بتصور مدروس حيال منهجية برامجنا الصيفية الوطنية، لكن ذلك خطوات على الطريق جادة لتحقيق الرشد الاقتصادي الوطني والفردي وحصول الفائدة والمتعة للمواطن السعودي.
|