Wednesday 16th August,200612375العددالاربعاء 22 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

رآي اقتصادي رآي اقتصادي
في اقتصاديات الحروب
د. محمد اليماني

يصل الإنفاق العالمي السنوي المباشر على برامج التسلح إلى ثلاثة تريليونات ريال، و تشير الدراسات المتاحة إلى أن العالم يستطيع بما يوازي 5% من هذا المبلغ التخفيف وبشكل كبير من مشكلة الفقر والمشاكل الأخرى المصاحبة له. وعلى مستوى الدول يصل الإنفاق على القطاعات العسكرية في بعض الدول النامية إلى ما يوازي 40% من حجم الإنفاق العام، بينما لا يتجاوز الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة مجتمعة 10% من الإنفاق العام على الرغم من الحاجة الماسة لخدمات هذين القطاعين. هذا فضلا عن قصور الإنفاق الحكومي على جوانب أخرى بالغة الأهمية في حياة الأفراد.
وفي حال نشوب نزاعات أو احتمال نشوبها فإن التكلفة التي يتكبدها المجتمع ترتفع لتشمل إضافة إلى ذلك الخسائر في البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية المختلفة وتكلفة إعادة الإعمار، علاوة على حالة عدم الاستقرار المدني والاجتماعي والنفسي التي تتفشى في مثل هذه الظروف.
ومن الأمثلة التقليدية التي تورد في هذا المقام، حالة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا؛ فالأولى يبلغ إنفاقها العسكري المباشر مئات المليارات سنويا بينما تستفيد الثانية من الآثار الخارجية لهذا الإنفاق الضخم فلا توجه إلا جزءاً يسيرا من ميزانيتها نحو الإنفاق العسكري، وأدى هذا إلى نشوء فرق واضح بين برامج الرعاية الاجتماعية الكندية والأمريكية، وكذا بين الخدمات الصحية والتعليمية التي تقدمها أو تدعمها كلا الحكومتين. ولذا عادة ما يفضل المهاجرون من الدول النامية الهجرة إلى كندا موازنة بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لسخاء البرامج التي يمكن أن يستفيدوا منها في الأولى في مقابل ما هو متاح لهم في الثانية.
وقد أجريت دراسات عديدة حول أسباب الاختلاف بين برامج الرعاية الصحية الكندية والأمريكية على وجه الخصوص من حيث انخفاض التكلفة بالنسبة للمستفيد وسهولة حصوله على الخدمات التي يحتاجها، وكان أحد أهم هذه الأسباب الانخفاض النسبي الكبير في الإنفاق العسكري المباشر وغير المباشر في كندا موازنة بالولايات المتحدة الأمريكية والذي مكنها من توجيه جزء أكبر من مواردها المالية نحو الإنفاق على القطاع الصحي.
وتشير الدراسات في مجال الإنفاق العسكري وآثاره إلى أن خسارة الدول النامية المستوردة للسلاح مضاعفة موازنة بالدول المصنعة له. فإلى جانب الآثار السلبية التقليدية لحجم الواردات الكبيرة على كثير من المتغيرات الاقتصادية فإن هذه الدول تفقد الآثار الايجابية للإنفاق العسكري والتي منها حفز عملية النمو الاقتصادي ودعم الأبحاث التي يمكن أن تستفيد منها القطاعات المدنية أيضا ووجود قطاعات إنتاجية توفر فرص العمل لملايين الأشخاص بشكل مباشر وغير مباشر، إلى جانب فقدانها لإمكانية تطوير تقنيات وأساليب إنتاجية محايدة.
وربما يكمن هنا أحد أسباب افتعال النزاعات المسلحة في أماكن مختلفة من العالم من حين إلى آخر أو إبقاء جذوتها مشتعلة لأطول مدة ممكنة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved