لم يحدثنا خادم الحرمين الشريفين - أمد الله في عمره - عقب توليه مقاليد الحكم في خطاب البيعة آنذاك بلسانه بل تحدث لنا بقلبه، ولم تنطلق مضامين الخطبة من الحروف بل المحبة الصادقة التي أنعم الله بها علينا وفطرنا عليها هذا الملك - حفظه الله - لم يمهلنا الكثير لنحمل قلوبنا إليه بل سابقنا لمحبته ولامس بصدقه وعفويته وكرمه قلوبنا وعقولنا ووجداننا، تجاوز فيه فكره الحاكم والمحكوم إلى الأب والابن والمسؤول والمواطن، كما علمنا في خطابه. بل إن مضامين هذا الخطاب لم تكن حروفاً بل مثلت كل كلمة فيه مكرمة وكل حرف فيه أملاً لمستقبل زاهر وضوء ينير جنبات هذا الوطن الذي نحبه. لقد خيرنا خادم الحرمين الشريفين بين حبه وحبه، حب له لامس قلوبنا وقلوب له لامست حبنا، تتجاوز إدراك وعينا له، فمددنا أيادينا بلا وعي مجددين البيعة.
إن تراب هذا الوطن الذي أحببناه يشهد معنى كل خطوة فيه لكم يا سيدي لرفعته، وتحكي كل خطوة منه قصة عشق لكم وقصة همة رسمت ملامح انجازات ومكرمات وعطاءات أبدلت كل المعاني المعروفة لدينا إلى معانٍ جديدة لم نكن نعرفها من الجود والسخاء، قابلتها أيادي ترفع لله عز وجل الدعاء لكم. فلقد أطلقتم تطلعات جديدة لتطلعاتنا وتخطت رؤيتكم رؤيتنا وأثلجتم صدورنا بقراراتكم فأصبحتم في القلب قبل العين يا خادم الحرمين.
إن كل يوم يمر علينا تسطرون فيه سطراً جديداً في رسالتكم السامية تفسر معاني كثيرة من الوفاء والحب الصادق لنا، وتكمل معكم خادم الحرمين قصة هذا العشق بالدعاء وتجديد البيعة والحفاظ على هذه المكتسبات وتقدير هذه المكرمات بالالتفات حولكم وحول هذه القيادة الرشيدة التي جعلت من القرآن دستوراً والإسلام منهجاً ونبراساً.
لقد علمتمونا يا خادم الحرمين همماً جديدة تعدت هممنا إلى آفاق من الرفعة فوضعتم أحجار الأساسات لكثير من المشاريع التنموية، وخففتم عن كاهلنا الكثير من المعاناة، والتفتم إلى فقرائنا، واستجبتم إلى تطلعاتنا فترجمتم مضامين خطاب بيعتكم إلى سياسة عمل دؤوب في نهج سرتم عليه كما سار فيه مؤسس هذا الكيان الملك عبد العزيز - طيب الله تراه.
ندعو الله أن يلهمنا همماً لشكركم بعد الله كهممكم لرفعتنا، وأن نحتوي مكرماتكم بالدعاء إلى الله كاحتواء قلبكم لنا، وأن يمكننا استلهام معاني انجازاتكم بالوفاء كاستلهامكم لقيم العطاء، ودمتم شمعة مضيئة لدرب الوطن وضوءاً يشع في طريق البناء إنه سميع مجيب.
|