تنبع أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين للجمهورية التركية من كونها أول زيارة يقوم بها ملك سعودي للعاصمة التركية أنقرة منذ توقيع اتفاقية الصداقة والسلام بين المملكة وتركيا عام 1929م.
كما أنها ثاني زيارة لملك سعودي لتركيا، إذ إن الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - زار مدينة اسطنبول عام 1966م في إطار جهوده لتنظيم مؤتمر يحقق الوحدة بين الدول الإسلامية.
وبالتالي، لا عجب في أن تولي وسائل الإعلام التركية أهمية كبيرة لتغطية هذه الزيارة، خاصة وأنه سيتم فيها التوقيع على ست اتفاقيات على الأقل ومذكرات للتفاهم في مختلف المجالات.
وتأتي هذه الزيارة في إطار السياسة الخارجية السعودية الساعية نحو تقوية العلاقات الاستراتيجية مع الدول ذات الأهمية في المحيط الإقليمي والدولي وتعزيز مفهوم الشراكة.
ولقد قام الملك عبد الله بزيارات عدة لدول كبيرة منذ توليه العرش وكذلك سمو ولي العهد الأمير سلطان، وتهدف تلك الزيارات إلى إنشاء علاقات استراتيجية بعيدة المدى، وتوسيع شبكة علاقات المملكة الدولية سواء مع الدول الإسلامية الشقيقة كتركيا وماليزيا وباكستان على سبيل المثال، أو مع الدول الصديقة كالصين والهند وسنغافورة وفرنسا، هذا عدا زيارات قادة الدول الأخرى للمملكة، والاتصالات الهاتفية والرسائل الخطية المتبادلة ولاسيما إبان الأزمات كالأزمة اللبنانية الحالية.
وقد يمكن القول إن تركيا تدخل ضمن الدائرة الإسلامية للسياسة الخارجية السعودية.
فتركيا دولة إسلامية عريقة، وتتجاوز نسبة المسلمين فيها 99 في المائة.
وهذه النسبة تجعل الشعب التركي والبالغ عدده 72 مليون نسمة مرتبطاً عاطفياً وروحانياً بالمملكة حيث الحرمين الشريفين في مكة والمدينة.
وبالتالي، فإن هذا العامل الديني المهم ينعكس إيجابياً على العلاقات بين المملكة وتركيا، ويسهم في توافق وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والعالمية.
كما أن تركيا دولة في غاية الأهمية في منطقة الشرق الأوسط بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط قارة آسيا بأوروبا، ومجاورتها للمنطقة العربية، فضلاً عن عضويتها في حلف شمالي الأطلسي.
وفي المقابل، فإن المملكة تحتل مكانة بارزة في خريطة السياسة الخارجية التركية؛ وذلك لثقلها الديني الكبير في العالم الإسلامي، ولاسيما أن الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي أخذت تلعب دوراً ملموساً في الحياة السياسية التركية.
وبالإضافة إلى ثقل المملكة الديني، فإنها تتمتع بمكانة اقتصادية كبيرة كونها الأولى من حيث تصدير النفط، فضلاً عن علاقاتها الدولية الممتازة مع مختلف القوى، وكل هذا منحها كلمة مسموعة عالمياً، وليس خافياً على القادة الأتراك أهمية توثيق العلاقة مع دولة تتمتع بهذه الإمكانات.
|