Tuesday 8th August,200612367العددالثلاثاء 14 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

دفق قلم دفق قلم
الحرب وتكريس المعصية
عبدالرحمن صالح العشماوي

هنالك مسائل تُعَدُّ صغيرة في نظر الناس إذا ما قيست بالمسائل الكبيرة، ولهذا تغفل عنها النفس، وتتجاوزها العين، ولا يلتفت إليها الذهن، ولكنَّ تلك المسائل الصغيرة مرتبطة بما يقابلها من المسائل الكبيرة، ومؤثرة - سلباً أو إيجاباً - في نفوس الناس وعقول الناشئين من الأجيال ونحن لا نشعر.
الحرب الدائرة في فلسطين والعراق ولبنان حَرْبٌ ظالمة غاشمة، واضحة المعالم والأهداف، حَرْبٌ على الإسلام وأهله، حَرْبٌ طاحنة لا مجال لتأويلها وتفسيرها بما يخالف حقيقتها (حربٌ صليبية صهيونية) لا ترعى ذمّةً، ولا ترحم ضعيفاً، ولا تراعي قانوناً، والحروب الطاحنة إذا دارت تتطلَّب من المصطلين بنارها، وهم في هذه الحرب (المسلمون) أن يقفوا أمامها وقفة واحدة روحاً وعقلاً وبدناً، معنوياً ومادياً، وأن يكونوا جادّين في وقوفهم، مدركين خطورة الوضع، مستشعرين الجانب الإيمانيَّ الذي لا نَصْرَ لهم بدونه.
الحرب الدائرة الآن وضعت أمام أعيننا جميعاً صور المواعظ والعبر كلَّها فهي تُرينا الموتَ ومظاهرهُ المحزنة ليل نهار، وترينا تغيُّر الأحوال ما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها في كل وقت، وترينا خطورة حالة الإنسان المسلم الذي جنحت به رغباته إلى معصية الله؛ حيث يستقبل الموت المفاجئ في كل لحظة، والواجب تجاه هذه الحقائق الدامغات أن يراجع المسلمون أنفسهم في علاقتهم بربهم، وأن يتخلَّصوا من مظاهر الفسوق والعصيان التي هي سببٌ من أسباب البلاء الذي يصيب الناس، وأن يعيدوا النظر في علاقتهم بالله - وهو نصيرهم - صلاة وصياماً وزكاةً واحتشاماً وبعداً عن اللهو والمجون والغناء الفاحش والرَّقص، وترفُّعاً عن الاستسلام لأهواء النفوس الأمَّارة بالسوء، وأن يدركوا أن أصدقاءهم من اليهود والنصارى المتعصبين يخذلونهم خذلاناً واضحاً، ويستكبرون عليهم بقوَّتهم المادية استكباراً عملياً، وأنَّ الله سبحانه وتعالى هو السَّنَد الأوحد في هذه الأزمات الطاحنة، وما دام كذلك فإن من الواجب عليهم أن يعودوا إلى سندهم الأوحد عوداً صادقاً، ويقلعوا عن عصيانه ومحاربته بارتكاب ما نهى عنه من المحرمات التي شاعت بين كثير من المسلمين حتى تعوَّدوا عليها واستباحوها، واستثقلوا كلام من يذكِّرهم ويعظهم ويوقظهم من غفلتهم الروحية الخطيرة.
لقد جيَّش صلاح الدين الأرواحَ قبل الأبدان، وملأ نفوس الناس بالإيمان بالله بما نشر من الخير، وبما أغلق من دور الفساد واللهو قبل أن يخوض مع الصليبيين الطغاة معاركه المنتصرة، وكذلك فعل الملك المظفَّر قطز الذي أخذ الأمر مأخذ الجد، وصرخ بالناس (وا إسلاماه) ليؤكد لهم أن هزيمة التتار لن تتم إلا بالرجوع الحقيقي إلى الله، ولقد كان (محمد الفاتح) ذا علم وأدب، وصاحب ذكر ودعاءٍ وقراءة للقرآن والحديث، محارباً لمظاهر الفساد، حتى عاش حياةً جادةً مرتبطة بربِّه سبحانه وتعالى قبل أن يذهب - بتوفيق من الله - بفخر فتح القسطنطينية.
الحرب اليوم تدور وما تزال أمة الإسلام تكرِّس كثيراً من مظاهر مخالفتها لمنهج الله الذي نهى عن الإيمان ببعض الكتاب دون بعض، وقد أشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضي الله عنهم إلى أن المعاصي أشدُّ فتكاً بالجيش من سلاح الأعداء. ولو لم يكن من مظاهر المخالفة الشرعية الواضحة إلا تكريس ظهور المذيعات والمراسلات عن الحرب المتبرِّجات الكاشفات رؤوسهنَّ وصدورهن مع أنهُنَّ يرين الموت في كل لحظة لكفى، إنها الاستهانة بمخالفة شرع الله والتعوُّد على ذلك حتى أصبح أمراً مألوفاً.
إشارة


نعم والله أخجل حين تُطوى
سجايانا على هذا الخضوعِ

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved