Tuesday 8th August,200612367العددالثلاثاء 14 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"متابعة "

الأخوة الإسلامية من أهم العوامل في تطوير العلاقة بين الرياض وأنقرة الأخوة الإسلامية من أهم العوامل في تطوير العلاقة بين الرياض وأنقرة
العلاقات السعودية - التركية تشهد نقلة نوعية في عهد الملك عبدالله

* الجزيرة - أحمد أباالخيل:
إن أي علاقة بين دولتين أو مجموعة من الدول ذات السيادة تحكمها مجموعة من العوامل. وقد تساهم هذه العوامل في تطوير هذه العلاقة، وقد تصل بها إلى الاندماج الكامل لتصبحا دولة واحدة، كما قد تعمل هذه العوامل على هدم العلاقة، وربما تحوّلها إلى صراع أو حتى إلى حرب.
ولقراءة العلاقات السعودية التركية ينبغي النظر إلى مجموعة العوامل التي تؤطر هذه العلاقة، وأهمها العوامل الدينية والاقتصادية والرغبة السياسية في تعزيزها.
فالزيارة التي يقوم بها اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للجمهورية التركية تأتي في إطار السياسة الخارجية السعودية الساعية نحو تقوية العلاقات الاستراتيجية مع الدول ذات الأهمية في المحيط الإقليمي والدولي وتعزيز مفهوم الشراكة، وذلك لتحقيق النفع المتبادل لصالح البلدين الشقيقين، ولصالح استقرار المنطقة.
فتركيا دولة ذات أهمية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط قارة آسيا بأوروبا، ومجاورتها للمنطقة العربية، هذه المنطقة التي تعاني من أزمات عدة لا يمكن لدولة مثل تركيا ألا تلعب دوراً فعّالاً في حلها، وخاصة تحت إدارة رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية.
ومن هذه الأزمات الاحتلال الانجلوساكسوني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، وما تمخض عنه من ويلات كبدت الشعب العراقي الكثير من أبنائه ومقدراته، بالإضافة إلى ما يجري ومنذ قرابة الشهر في لبنان من مجازر وتدمير للبنى التحتية على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية المتوحشة وبتغاضٍ من الولايات المتحدة.
بالإضافة طبعاً إلى الأوضاع المأسوية في فلسطين وتعطل مشروع قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بفعل الغطرسة الإسرائيلية، فضلاً عن العلاقات الإيرانية الغربية المتأزمة على خلفية ملف طهران النووي.
كما أن تركيا تدخل ضمن الدائرة الإسلامية للسياسة الخارجية السعودية.
فتركيا دولة إسلامية عريقة، وتتجاوز نسبة المسلمين فيها 99 في المائة.
وهذه النسبة تجعل الشعب التركي البالغ عدده 72 مليون نسمة مرتبطاً عاطفياً وروحانياً بالمملكة حيث الحرمين الشريفين في مكة والمدينة.
وبالتالي، فإن هذا العامل الديني المهم ينعكس إيجابياً على العلاقات بين المملكة وتركيا، ويساهم في توافق وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والعالمية، وخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي والوضع في العراق.
وفي المقابل، فإن المملكة تحتل مكانة بارزة في خارطة السياسة الخارجية التركية.
ومن أهم الأسباب التي أعطت المملكة هذه المكانة ثقلها الديني الكبير في العالم الإسلامي، وقيادتها الروحية لهذا العالم الذي يتجاوز عدد شعوبه المليار نسمة.
ولاسيما أن الأحزاب السياسية ذات التوجّه الإسلامي أخذت تلعب دوراً ملموساً في الحياة السياسية التركية، منذ وصول نجم الدين أربكان للحكم عن طريق حزب الرفاه، وحتى فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2004م بقيادة رئيس الحكومة الحالية رجب طيب أردوغان الذي يطمح أيضاً للوصول إلى رئاسة الجمهورية بعد تخليه عن رئاسة الحكومة العام القادم.
كما ان المملكة تحتل مكانة اقتصادية عظمى في المجتمع الدولي لتربعها على عرش المصدّرين للنفط في العالم.
كما ان المملكة تتمتع بروابط عالمية واسعة وشبكة علاقات دولية ممتازة مع مختلف القوى، وخاصة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإن كلمتها مسموعة في العالم، ولهذا ترى تركيا في المملكة دولة يمكن الاعتماد عليها في الاستشارة أو الوساطة أو الدعم السياسي المطلوب في أية قضية تشغل بال القادة في أنقرة، كالعلاقات التركية اليونانية على سبيل المثال.
ما سبق ذكره من عوامل يعطي الدوافع المنطقية لتقوية العلاقات السعودية التركية، ولاسيما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، الذي قام بزيارات دولية عدة منذ توليه العرش في مثل هذا الشهر من العام الماضي. وبالتالي، فإن رغبة القيادة السياسية في توسيع وتقوية العلاقات تعتبر من أهم العوامل لإنجاح العلاقات الدولية، خاصة وأن القيادة السعودية تتمسك بمبادئها التي تنادي بتحقيق السلام والاستقرار الدوليين، وحل القضايا العالمية بالطرق الدبلوماسية، والبعد عن التلويح بمهددات النظام الدولي. كما ان من مبادئ السياسة السعودية إرساء قواعد التعاون الدولي والإقليمي، ونبذ قواعد الخلاف والشقاق، وخاصة بين الإخوة المسلمين.
وانطلاقاً من هذه المبادئ فإن تركيا قد تلعب دوراً ملموساً لتعزيز أمن المنطقة العربية من خلال الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على الشعبين اللبناني والفلسطيني، ولاسيما أن أنقرة استنكرت الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، كما قد تلعب دوراً ذا اعتبار يساعد في الحفاظ على وحدة العراق وحمايته من الانقسام، وخاصة أن موقف أنقرة واضح في هذه القضية ومتطابق مع موقف المملكة وهو الإبقاء على العراق دولة واحدة غير منقسمة.
ومن المتوقع أن تحتل مجريات الأحداث في لبنان وفلسطين والعراق جانباً مهماً من المحادثات في القمة السعودية التركية.
ومن جهتها فإن المملكة وكعادتها في تعاملها مع الأشقاء العرب والمسلمين انطلاقاً من مبادئها الإسلامية التي تنادي بتعزيز روابط الأخوة، تسعى إلى مساعدة الدول الإسلامية على كافة الأصعدة.
فعلى سبيل المثال قدم الصندوق السعودي بالمملكة قروضاً إنمائية لتمويل عدد من المشاريع الحيوية في تركيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من بليون ريال.
كما يبلغ مقدار المساعدات السعودية لتركيا غير المستردة أكثر من ثمانية بلايين ريال، تستخدم في المجالات البترولية ولمواجهة الزلازل والكوارث الطبيعية وفي الشؤون الاجتماعية وغيرها. كما بلغت القروض النقدية الميسرة بليوناً وخمسمائة مليون ريال.
ومن جهة أخرى يعمل على أرض المملكة حوالي مائة ألف مواطن تركي. في حين يقوم قرابة خمسة وعشرين ألف سائح سعودي بزيارة المناطق السياحية في تركيا، ولا شك أن فيها تطويراً للعلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين وشعبيهما.
وجدير بالذكر أن أهمية زيارة الملك عبدالله لتركيا تنبع من كونها أول زيارة يقوم بها ملك سعودي للعاصمة التركية أنقرة منذ توقيع اتفاقية الصداقة والسلام بين المملكة وتركيا عام 1929م.
كما انها ثاني زيارة لملك سعودي لتركيا، إذ إن الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- قد زار مدينة اسطنبول عام 1966م في إطار جهوده لتنظيم مؤتمر يحقق الوحدة بين الدول الإسلامية.
كما ان هذه الزيارة سيتم فيها التوقيع على ست اتفاقيات على الأقل ومذكرات للتفاهم في مختلف المجالات. ولا تعد هذه الاتفاقيات هي الأولى بين المملكة وتركيا، فقد سبقها مجموعة من الاتفاقيات في مختلف المجالات، إذ وقعت في عام 1974 اتفاقية للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني بين البلدين تشكلت على اثرها اللجنة السعودية التركية المشتركة، وقد انبثقت منها عدة لجان فرعية، بالإضافة إلى وجود مجلس رجال الأعمال السعودي - التركي، كذلك الاتفاقية الثقافية التي وقعت في عام 1976 كما ان هناك شركات للاستثمار بين البلدين وهي في تصاعد مستمر.
إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تقل أهمية عن العلاقات السياسية، فالمملكة تمر حالياً بفترة ازدهار اقتصادي بفعل ارتفاع أسعار النفط، وقد أعلنت المملكة عن أكبر ميزانية لها في تاريخها، ورغبتها الشديدة في جذب الاستثمارات الأجنبية من أجل تحقيق رفاهية أكبر لمواطنيها، وخلق فرص عمل بالآلاف، كما يتوقع على سبيل المثال في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وفي المقابل، تسعى تركيا إلى تعزيز صادراتها من مختلف السلع التي تقوم بصناعتها، وترغب بتعزيز صادراتها إلى المملكة التي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية مؤخراً، وفتحت أسواقها بشكل أكبر للسلع الأجنبية، وبالتالي، فإن المنتجات التركية ستواجه منافسة كبيرة، وسيضعها ذلك أمام تحد كبير.
وأمام هذه المعطيات لا غرو أن يولي الإعلام التركي أهمية كبيرة تليق بضيفهم الكبير والقادم من الدولة التي تهفو قلوب الأتراك إليها شوقاً وحباً وإجلالاً.
وقد استعدت أنقرة على المستويين الرسمي والشعبي لاستقبالها ضيفها السعودي استقبالاً ينم عن حفاوة الأتراك بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved