لا زالت معركة التوظيف والوظيفة واحدةً من أبرز المشكلات والقضايا المحلية.. ولا زالت إشكالية العاطلين واحدةً من أبرز الإشكاليات الاجتماعية.
** القضية.. بين وزارتي العمل والخدمة المدنية..
** العمل.. تعمل جاهدة ليل نهار.. من أجل توظيف واستقطاب هؤلاء العاطلين.. وتحاول وضع نظم ولوائح جديدة.. وتحاول وضع ضوابط وقوانين تجعل المؤسسات والشركات الأهلية.. قادرة على استقطاب هؤلاء العاطلين، ولكن.. هناك مَن يقف في وجهها.. وهناك مَن يكسر مجدافها.. وهناك مَن يقول: إن المؤسسات والشركات والمصانع ستفلس وستخسر.. وستنتهي إذا لم يكن فيها أغلبية أجنبية ساحقة..
** العمل.. تحاول جاهدة.. خفض نسبة البطالة..
** تحاول من خلال تحرُّكاتها جذب الشباب لسوق العمل..
** تحاول إدخال الشباب في الميدان المعني.. ولكن.. هناك محاولات تنجح.. وهناك محاولات تفشل.. وأكثر مَن يفشلها.. هم أصحاب المؤسسات وملاَّك الشركات والمسؤولون في الهيئات الأهلية..
** وزارة العمل.. لديها خطط ودراسات.. ولديها خبراء.. ولديها وكالات وإدارات عامة وأقسام.. في محاولات جادة لمعرفة حقيقة الوضع المحلي.. وضع سوق العمل بالضبط واحتياجاته ومشكلاته، ولكن.. تجد هذه الخطط.. عراقيل أبطالها.. أصحاب المؤسسات والشركات المحلية.. ومن ورائهم (تجَّار الفيز) و(الشركاء) و(اللِّي يدس خشمه) في كل شيء..
** وزارة العمل.. تعمل من أجل شبابكم.. شباب الوطن..
** من أجل أولادكم.. من أجل بلدكم..
** من أجل مستقبلكم.. من أجل أمنكم.. من أجل راحتكم..
** من أجل أن ترى اكتفاءً.. أو شبه اكتفاء محلي.. بالطاقات والقدرات والكفاءات المحلية، ولكن.. من يقدِّر هذا؟ من (يصامِد) بعض هؤلاء الذين شبُّوا وترعرعوا وعاشوا على النصب والاحتيال والكذب.. وملؤوا بلادنا ببعض من أسوأ عمالة في العالم؟!
** وفي الجانب الآخر.. هناك وزارة الخدمة المدنية (ديوان الموظفين) سابقاً.. التي تعمل في برج عاجي لا يهمها.. سوى تطبيق أنظمة الخدمة المدنية فقط.
** بمعنى.. أنها وزارة تطبيق قوانين ولوائح فقط، تقول: هذا يجوز.. وهذا لا يجوز.. ولو فُعِّلت إدارات شؤون الموظفين في المصالح الحكومية بشكل صحيح.. أو الإدارات العامة بالدوائر الحكومية.. لما كان لهذه الوزارة أي لزوم.. فهي كجارتها.. إدارة شؤون المجاهدين.
** بمعنى.. أن وزارة الخدمة المدنية.. لا يهمها توظيف الشباب.. إلا بقدر ما يأتيها من احتياجات من الدوائر الحكومية فقط.. فكل وزارة أو جهة ترسل احتياجاتها وشواغرها لوزارة الخدمة المدنية.. ووزارة الخدمة المدنية.. تستقبل الاحتياج فقط و(على مضض) ثم تُعيِّن المناسبين لشغلها.. ولو أن إدارات شؤون الموظفين بتلك الدوائر.. قامت بهذا الدور الذي هو من صميم اختصاصها لما كان لوزارة الخدمة أي قيمة.. ولاسترحنا من تعطيلها لحركة المرور في أهم منطقة في طريق الملك فهد.. في منتصف الرياض.
** وزارة الخدمة المدنية.. وزارة لوائح ونظم.. تقول: هذا نظامي.. وهذا غير نظامي.. ولو فُعِّلت الإدارات القانونية وإدارات الأنظمة في الدوائر الحكومية.. لما كان لوزارة الخدمة (أي لازم).. في أن تكون وزارة بهذا الحجم.. لمجرد أمور روتينية..
** ماذا عملت وزارة الخدمة المدنية من أجل القضاء على البطالة؟!
** ما دور الوزارة في هذه القضية التي تشغل الجميع؟!
** هي تثقل كاهل وزارة الداخلية ووزارة العمل.. ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل.. ووزارات وجهات أخرى تعاني من هؤلاء العاطلين.
** وزارة الخدمة المدنية.. لا يعنيها أي شيء في شأن هؤلاء.. إلا أن تقول: هناك شواغر فقط.. أو لا يوجد شواغر.. وكان بإمكان كل دائرة أن تقول ذلك.. وتوظِّف بنفسها.. ولا حاجة إلى هذه الوزارة على الإطلاق.
** ليتنا نعرف.. ماذا قدَّمت وزارة الخدمة المدنية لقضية وطنية كبرى اسمها (التوظيف)، أو تلك القضية التي اسمها (البطالة)، إلا إذا كانت وزارة الخدمة المدنية لا تدري حتى الآن.. عن هذه القضية شيئاً؟
** أو أنها تظن أنها ليست مختصة وليست مسؤولة ولا يعنيها هذا الشأن.. أو أن الإدارة القانونية لديها تقول: (ليس من اختصاصنا) كما تقول دوماً في ردودها على الدوائر والجهات الحكومية.. بعبارات قانونية ونظامية ومواد (جافة) تشم منها رائحة الحدة والصعوبة والقسوة.. في عبارات مكرورة محفوظة عرفناها منذ خمسين سنة على الأقل.
** نتمنى.. لو أن وزارة الخدمة المدنية كذَّبت قولنا هذا.. وأطلعتنا على مجهوداتها المجهولة.. في حل إشكالية وطنية كبرى.. هي من صميم اختصاصها.. وداخلة في إطار مسؤولياتها.. وهي قضية توظيف العاطلين وإيجاد فرص عمل لهم في تلك الدوائر والجهات الحكومية.. التي تتعذَّر بعدم وجود شواغر..
** هناك نقطة أخرى يشتكي منها البعض ولا زالت موجودة.. وهي قد تكون خارجة عن إرادة وزارة الخدمة المدنية ولا دخل للوزارة فيها.. أو هي على الأصح (تغمّض عنها.. لأنها ما تقواها)، وهي قضية التوظيف بالواسطة.. بمعنى.. أن هناك خرِّيجاً يحمل البكالوريوس في ميدان علمي.. أو يحمل الماجستير ويجلس عاطلاً يُقلِّب ملفه لسنوات.. ويتنقل به هنا وهناك.. ثم ينخرط في دورة ويتخرج (صدي أول).
** نعم.. بكالوريوس.. ودورات.. وجندي أول و(عساه يلقاها).. وآخر يتخرج في الثانوية العامة قبل يومين بتقدير (مقبول) أو تحت المقبول.. ووُظِّف في اليوم الثاني في وظيفة ممتازة..
** هنا.. تدخل الواسطة والشفاعات وفزعات.. القريب و(العديل).. والوزارة.. لا شك ليس لها دخل.. لأن هذه من جنس وظائف تُسمَّى وظائف (الدَّس)؛ يعني.. بعد الانتهاء من التوظيف.. تعلن الإدارة.. أن لديها قسماً نسوياً.. لكن متى وجد هذا القسم وكيف لا يدري أحد عن وظائفه فهذا (مهوب شغلكم).
** وتبقى.. قضية التوظيف.. قضية وطنية كبرى.. هي مسؤولية الجميع.. وليست مسؤولية وزارة العمل وحدها.. ولو تركنا وزارة العمل و(كَفّينا) شرنا عنها.. لما بقي لدينا عاطل.. أو عاطلة.. ولكن.. خلّوها مستورة.
|