أشعر بكثير من الألم عندما يغيب عن دنيانا رجل من الجيل الذين كانوا نماذج في الصبر على ظروف الحياة الصعبة ونماذج في العصامية والكد والعناء الذي كان يتبدى على قسمات وجوههم منذ يفاعة الشباب وحتى بلوغهم سن الشيخوخة!
ومن هؤلاء الرجال العصاميين الأخيار الراحل العزيز الشيخ محمد بن حمد الناصر - رحمه الله - أحد أبناء الدرعية وأحد أبناء هذا الوطن الذين أسهموا مع قادته في ترسيخ أمنه ووحدته، ونمائه.
لقد عرفت هذا الشيخ العصامي الفاضل من خلال صداقتي الحميمية لابنه أخي الذي لم تلده أمي عبدالله، وبقية أخوته الأكارم.
* * *
كنت ألتقي بالشيخ محمد في مجالسه التي تضم أبناءه وأقاربه ومحبيه سواء في الرياض أو الدرعية، وكان - رحمه الله - على رغم تاريخه الطويل ذا سمت وصمت عجيبين ولم أسمعه يتعرض لإنسان بغيبة أو نميمة.
وكان الموضوع الذي يحلو له الحديث فيه ذكرياته وما مر عليه في بدايات حياته، ومشاركته مع بعض قادة هذه البلاد مثل الملك فيصل في ترسيخ وحدة هذه البلاد، وكم كنت أتمنى لو سجل مذكراته في هذا الجانب من تاريخ بلادنا كواحد من شهوده، لكن زهده بالأضواء - رحمه الله - جعله أبعد الناس عن التدوين.
* * *
* الشيخ محمد بن حمد الناصر نمط نادر من الرجال بالصبر حتى عندما اشتد عليه المرض في سنواته الأخيرة، كان - رحمه الله - لا يشكو، أو يتبرم، بل كما قال لي ابنه عبدالله: (لم نسمع منه ذات يوم شكوى أو تذمراً على رغم قسوة المرض عليه ومعاناته منه رحمه الله).
* * *
* هذا الراحل العزيز لم تشغله الدنيا وبهارجها وبريقها، بل كان منشغلاً عنها بمكارم الأخلاق والتواصل مع الناس وإشراع أبواب دارته ومزرعته للأضياف والزائرين.
إن عزاء محبي هذا الراحل كافة أنه رجل يحيط به الذكر الطيب، وتحفّ به الدعوات، وإنه خلف أبناء أخياراً رباهم على جميل السجايا، وأصيل القيم، واستقامة الطريق، وهم بحول الله من سوف يحيون ذكره بالدنيا بالعمل الجميل، ويقدمون له الثواب الصالح بالآخرة بصادق الدعاء، وجميل العمل.
* * *
* اللهم اغفر للراحل الغالي الشيخ محمد بن حمد الناصر وارحمه وأجزل له الثواب والأجر جزاء ما قدم لدينه ووطنه!
اللهم ألهم أبناءه وأسرته وأسرة الناصر العزيزة ومحبيه كافة الصبر والعزاء واجمعنا وإياهم به وبالغالين علينا كافة في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ص ب: 40104 / 11499 |