Saturday 5th August,200612364العددالسبت 11 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

المدن الاقتصادية وآفاق بناء المجمع الصناعي السعودي المدن الاقتصادية وآفاق بناء المجمع الصناعي السعودي
د. أحمد صالح العثيم

لا شك أن السياسة الإصلاحية التي تنتهجها القيادة السعودية منذ تأسيس الدولة وتوحيدها والتي تشهد في الوقت الراهن تفعيلاً واسع المدى في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تعتبر التطور والارتقاء الاقتصادي للدولة هدفًا أساسيًا لها في سبيل توطيد وتدعيم الاقتصاد الوطني السعودي، إذ اتخذت من تنويع مصادر الدخل وتشجيع القطاعات الاقتصادية غير النفطية والاهتمام بأنشطة القطاع الصناعي استراتيجية أساسية لها، باعتبار أن التطور الصناعي هو معيار التقدم والنمو في الدول.وفي ظل هذا الاهتمام أطلقت المملكة العربية السعودية خطط ومشروعات المدن الصناعية والاقتصادية التي تعتبر من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى حدوث التكامل والترابط الصناعي، وتساعد على خفض تكاليف التصنيع وزيادة الإنتاجية والارتقاء بالقطاع الصناعي أسوة بما هو متبع في الدول المتقدمة وما تنتهجه الشركات العملاقة من تأسيس مراكز إنتاجية وصناعية متكاملة.وبلغ عدد المدن الصناعية السعودية (ثماني مدن) تمتد على مساحة 76.5 مليون متر مربع تنتشر في (الرياض، الدمام، مكة المكرمة، جدة، بريدة، الأحساء)، وهناك مدن صناعية تحت الإنشاء بلغ عددها ست مدن في كل من (المدينة المنورة، أبها، سكاكا، بتول، حائل، نجران) بمساحة إجمالية 29 مليون متر مربع، بالإضافة إلى مدن صناعية أخرى سيتم إنشاؤها بعد دراسة تخصيص المواقع والإنشاءات الخاصة بالبنية التحتية لها.وهناك مدينتان صناعيتان في كل من (الجبيل) و(ينبع) تم إقامتهما بواسطة الهيئة الملكية (للجبيل) و(ينبع) على مساحة إجمالية تبلغ 120 مليون متر مربع إلى جانب مشروعات الصناعات الأساسية الخاصة بالبتروكيماويات والصناعات المساندة لها إلى جانب بعض المصانع الأخرى، وتعتبر كل منهما وحدة صناعية متكاملة مستقلة بذاتها.ومع تولي الملك عبدالله الحكم في أغسطس 2005 أعلن عن تأسيس العديد من المدن الاقتصادية العملاقة بدأها بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهي أكبر مدينة اقتصادية في الشرق الأوسط بل من أكبر المدن الاقتصادية في العالم، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الموجهة إليها نحو 100 مليار ريال، وتبلغ مساحتها نحو 55 كيلو مترًا مربعًا، وتضم المدينة العملاقة 6 مناطق رئيسية يقوم كل منها بدور محوري لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة وتضم هذه المدينة ميناء بحريًا عالميًا ومنطقة صناعية نموذجية ومرافق شاطئية وجزيرة مالية وأحياء سكنية ومدينة تعليمية، وسيتم إنشاء ميناء بحري عالمي يضاهي اكبر موانئ العالم ويستقبل أضخم الناقلات وسفن الحاويات العملاقة ويدار بأحدث التقنيات، وسيضم مبنى خاصا للحجاج يمكنه من استقبال أكثر من 500 ألف حاج ومعتمر كل موسم.وتضم المدينة منطقة صناعية تقام على مساحة 8 ملايين متر مربع تخصص لتلبية احتياجات جميع الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ابتداء من الصناعات الدوائية والبتروكيماوية وانتهاء بأنشطة الأبحاث ومراكز التطوير لإعداد الشباب السعودي لدخول سوق العمل.وتحوي المنطقة الثالثة في المدينة الصناعية المرافق الشاطئية وتضم مجموعة متميزة من الفنادق المطلة على الواجهة البحرية وتجمعات الشقق الفندقية وناديا للفروسية وملعبًا عالميًا للجولف.أما المنطقة الرابعة وهي الجزيرة المالية فتحتوي على 500 ألف متر مربع من المساحات المخصصة للمكاتب التي تستهدف المؤسسات المالية العالمية والإقليمية، كما تضم مركزا للمعارض والمؤتمرات وعددا كبيرا من الفنادق، فيما تتكون المنطقة الخامسة من 3 أحياء سكنية تضم شققا وفيلات فخمة وأسواقا ومتاجر مطلة على البحر الأحمر في بانوراما حضارية رائعة.كما أطلقت السعودية مركز الملك عبدالله المالي الذي سيقام في الرياض وتشرف عليه هيئة السوق المالية السعودية، وسوف يقام على مساحة 1.6 مليون متر مربع، وسوف يضم المؤسسات المالية العاملة في القطاع المالي مع استمرار مراجعة هيكلة هذا القطاع وأطره التنظيمية من أجل التطوير المستمر المتوافق مع حاجات الاقتصاد السعودي تعزيزاً لقدراته التنافسية إقليمياً ودولياً، والاستمرار كذلك بتشجيع القطاع الخاص لزيادة إسهامه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطوير شراكة فاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص واستكمال الأطر التنظيمية والرقابية اللازمة لذلك، وسوف يساعد ذلك المركز المالي على تحويل المملكة إلى أكبر مركز مالي في الشرق الأوسط لينافس العديد من عواصم المال العالمية.وأخيرًا وفي ظل الاهتمام بجميع القطاعات أطلقت السعودية مشروع إقامة مدينة اقتصادية وهي مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في (حائل) لتكون أكبر مدينة اقتصادية في الشرق الأوسط مخصصة للخدمات اللوجيستية والنقل، وتقام هذه المدينة على مساحة قدرها 156 مليون متر مربع وبتمويل إجمالي قدره 30 مليار ريال خلال مدة عشر سنوات يتم دفعه بالكامل من القطاع الخاص، وهو موزع بواقع 30 % للشريك الأجنبي، و25 % للتكتل السعودي، و30 % للاكتتاب العام، على أن تخصص الحصة الباقية للصناديق الحكومية.ويتوقّع أن توفر المدينة أكثر من 30 ألف فرصة عمل بالإضافة إلى تعزيز مسيرة التنمية في منطقة الخليج، وستضم هذه المدينة 12مرفقا استراتيجيا يجعلها محورًا للنشاط التجاري ومركزًا عالميًا للخدمات اللوجستية، ومطاراً، وميناء بحريًا ومحطة المسافرين ومركزًا للصناعات الزراعية والخدمات المساندة ومنطقة للترفيه ومنطقة للتعدين ومنطقة الصناعات التحويلية ومركزًا للأعمال، إضافة إلى المنطقتين التعليمية والسكنية، والبنية التحتية. وسوف تتم الاستفادة من الموقع الاستراتيجي والحيوي لمدينة حائل الزراعية التي تتوسط المملكة وتقع على تقاطع الخطوط الملاحية والنقل والخدمات المساندة للشرق الأوسط، حيث تبتعد بالطائرة مدة ساعة واحدة فقط عن 11 عاصمة عربية؛ ما يجعل من مدينة حائل بالفعل سلة للزراعة في الوطن العربي. ويأتي الاهتمام الكبير بالقطاع الزراعي في ظل تطبيق شروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي من أهمها إلغاء الدعم الزراعي للمواطن؛ ما يجعله عرضة لمنافسة من جانب واحد مع المنتجات الأجنبية.وفي هذا الإطار سيتم تخصيص منطقة بحوث ومعامل من أجل الخدمات الزراعية، ودعم وتطوير القطاع الاقتصادي من خلال حزمة من الأنشطة المرتبطة بمراحل الزراعة والتصنيع والتخزين، ومن أبرزها إنشاء مركز متطور للبحوث الزراعية يقدم خدماته لأهالي المنطقة بهدف تنمية الإنتاج الزراعي الذي سوف تتم الاستفادة منه سواء في عمليات التخزين أو في تشغيل عدد من مصانع المنتجات الغذائية، وسوف يخصص الإنتاج الزراعي وإنتاج المصانع لتلبية الاحتياجات المحلية وطلبات التصدير. وهناك مشروع حضاري من المزمع تأسيسه وهو (مدينة المعرفة) التي أعلن عن تأسيسها في المدينة المنورة والتي من شأنها توفير 20 ألف فرصة عمل، وتستوعب 200 ألف مواطن، بتكلفة استثمارية تتجاوز 25 مليار ريال.هذا الاهتمام السعودي الكبير بسياسة المدن الاقتصادية والصناعية سوف يساهم بشكل كبير في زيادة مساهمة القطاع الصناعي في معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي في السعودية، بالإضافة إلى أن تلك المشروعات الضخمة سوف تفرز العديد من المكاسب على المستوى الاقتصادي من أهمها:- إيجاد فرص عمل كثيرة على المدى البعيد، حيث تعتبر مشكلة البطالة من أهم المشكلات التي تواجه دول مجلس التعاون بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص.
- إقامة منظومة صناعية وزيادة فاعلية القطاع الصناعي في الاقتصاد السعودي والعمل على تطوير الصناعة السعودية خاصة صناعة البتروكيماويات التي تتميز بها المملكة من أجل الصمود أمام المنافسة الشرسة في عصر العولمة.
- زيادة معدل التنمية وزيادة القدرة التصديرية واتساع الأسواق أمام الصناعات والمنتجات السعودية.
ويمكن القول إنه بعد إنشاء تلك المدن الاقتصادية والصناعية، يأتي التساؤل: هل سنشهد قلعة صناعية خليجية في المستقبل تنافس الدول الغربية أو دول شرق آسيا، أم أن ما نشهده اليوم هو نتاج السيولة العالية والطفرة النفطية والأفكار الجديدة المبنية على مشابهة الآخرين فقط، وهل ستجني الحكومة السعودية ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته قيادتها مؤخراً من خلال إنشاء مدن اقتصادية ستدعم الإصلاح السعودي في الاقتصاد؟.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved