البرقيتان المتبادلتان بين خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تعكسان صورة من صور الوفاء في مجتمعنا، ومن خصوصيات هذا المجتمع فيما يتصل بالعلاقة بين الأشقاء وبين الكبير والصغير الاحترام والتقدير المتبادل، فكيف إذا كانت هذه العلاقة تنطوي في ذات الوقت أيضاً على هموم دولة كاملة وتطلعاتها وأحلامها وحرصها على ارتياد آفاق واسعة من النمو والتطور، فضلاً عن أن هذه الدولة تضطلع بمهام كبرى في محيطها العربي والإسلامي..
ففي برقية خادم الحرمين الشريفين لسمو ولي العهد هناك هذا الإصرار القوي على الحرص على تأمين كل الظروف الكفيلة بضمان استمرار هذه المسيرة الخيرة والبعد بالمملكة عن مواطن الاستهداف وتأمين من شرور الإرهاب، وكلها أمور تتحقق أيضاً بسلام إقليمي تسعى المملكة بجد إلى الإسهام في بنائه مع دول المنطقة وبقية المجتمع الدولي، وهذه مهمة تبدو ذات أولوية قصوى خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي تتطلب تضافر جميع الجهود لإنقاذ المنطقة من المهددات الكبرى التي تحدق بها..
وفي برقية الأمير سلطان إلى شقيقه الملك عبد الله كل عبارات التقدير والاحترام فضلاً عن التنويه إلى الإنجازات الهائلة الموعودة التي تحققت في فترة زمنية وجيزة وهي إنجازات تأخذ بحساب السنين فترات أطول لإكمالها، لكنها هي الإرادة الصادقة والعزم الشديد التي تحتم التعجيل بتقديم كل ما يمكن من أجل إسعاد هذا الشعب الوفي وتكريس كل الإمكانيات التي تجعل نهضة الوطن وتنميته أمراً في حيز الإمكان من خلال تسخير القدرات البشرية والمادية للحاق بركب الأمم المتطورة..
وقد حرص سمو ولي العهد في برقيته على إبراز جانب من الإنجازات التي تحققت في هذه الفترة الوجيزة مع إشارته في ذات الوقت إلى المشروعات الواعدة التي من شأنها تحقيق النقلات الكبرى في مجمل مسيرة التنمية في هذه البلاد، ونحسب أن الإشاره هنا دون شك هي لطائفة من الإنجازات من بينها دون أدنى شكل محاور العمل الكبرى في المدن الاقتصادية الجديدة وعلى رأسها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة..
فهذه المشروعات الثلاثة التي تتكلف مئات المليارات من الريالات تأتي في سياق هذا الحرص على تحقيق النقلات المأمولة التي تعمل على تفعيل إمكانيات الداخل البشرية والمادية بحيث تصب في صالح حركة التنمية، وبحيث تسهم في صناعة واقع يستهدف بشكل أساسي الارتقاء بالكوادر الوطنية وإدماجها بشكل أوسع في عمليات البناء المتواصلة من خلال الإعداد النوعي للقوى العاملة بطريقة تستقصي حاجات البلاد من هذه الكوادر والعمل على توفيرها بالكيفية الملائمة المطلوبة.
وفي كل من المشروعات الثلاثة مساحات واسعة مخصصة للتعليم النوعي والتدريب العالي الذي يتوافق مع أفضل ما هو موجود على نطاق العالم.. وفي البرقيتين المتبادلتين تجديد للعهد على بذل كل المستطاع للوفاء بكل مقتضيات التكليف الرباني لهذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين والإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم، وهي مهام تستوجب أن يُبذل من أجلها كل غال ونفيس، وقد برهنت المملكة طوال عقود عديدة أنها أهل لهذه المهمة الكريمة المباركة والتشريف الرباني الرفيع.
|