Saturday 5th August,200612364العددالسبت 11 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

المرءُ مخبوءٌ تحت لسانه المرءُ مخبوءٌ تحت لسانه
«علي بن أبي طالب كرم الله وجهه»
د. عبد المحسن بن عبد الله التويجري

الفكر والمشاعر حبيسان المكان بدون الكلمة، فهي وسيلة التعبير فيما نفكر فيه أو نجادل ونستشير وهذا كله في حالة من تفاعل كامل.
إنها شمس لكل ما يود أن يقوله أحدنا، وإن كان البعض منا من شدة وضوح أهمية الكلمة فربما تناقص نصيبها وتجاوز وعي البعض منا فتتلاشى إمكانية تقنينها في مسارها وضوابط حدودها.
فهذه كلمة: المعنى فيها قبيح، وتلك كلمة دلالتها بمعنى حسن، بهذا يحكم العارفون.
وللكلمة من المرونة والطواعية ما يمكن أحدنا من التعبير عن مكنون نفسه إن كان حقاً أو باطلاً، فبالكلمة يكيف القصد، ومن الأمثلة على هذا أن نجد خصمين يحكم بينهما قاضٍ - فلكل منهما ما يقوله وهو مختلف عما يقول به خصمه، وفي المحاكم مدعٍ كل ما يقول به مختلف في توجهه ومقاصده عما يقول به رجل القانون أو الدفاع.
وتتميز الكلمة معنى وقصداً حين يكون الباعث لها منطلقه دائرة الخلق الرفيع الصادق الأمين، فيؤثر بتميزه في علاقة الإنسان بأخيه الإنسان - بل المجتمع بكامله.
ولأن الإنسان بضعفه لا يحقق من الإنجازات في كل شيء ما هو كامل ومحصن عن الخطأ، فإن الإشارة بتميز الكلمة وأثر ذلك لا يمكن أن يتم خارج النطاق والمحتوى وفق تكوين الإنسان وقدرته، وما هو مطلب في التميز تؤكد قدرة الإنسان بإنسانيته وليس بكماله.
والكلمة ذات مقاصد وتوجهات يلزم معها وقفة تُحلل وتُمعن النظر فيما يتوارى من خلفها، ومن ذلك كلمة حق وكلمة باطل والقدرة في تداخل المعنى وفق القصد لمن يقول بها - فكثيراً ما نطق الباطل وله من مرونة الكلمة ما يُغني حججه، والغاية إظهاره كحق مبين.
إلا أن المدى قد لا يطول، وإن طال زمانه سهل الفصل بينهما ليستقر كل في مكانه مؤذناً بنهاية المطاف.
وفي بعض الأحيان فإن أحوال الكلمة بالباطل يترصد أثرها الحق، وقد يحتاج الأمر إلى قوة الحق، وليس حق القوة حيث إنها ذاتية في منبعها، وإن أي قوة لا تستقيم سرمدياً دون ما سند من حق.
في انتصار الباطل مهانة لنسيج الحياة والأحياء - فهو داعي شر ودمار وظلم، وفي هذا ما يُفسد المسيرة وينحرف بطبيعة الحياة بعيداً عن سنن الخالق عز وجل.
ولعل في جهدنا نحو تميز الكلمة ما يعين توجهنا نحو منهاج من التوفيق والتفوق، وفيما أكتب عنه جهد يدرك بالقناعة التامة ما قال به الإمام الشافعي رضي الله عنه.
رأينا خطأ يحتمل الصواب، ورأي غيرنا صواب يحتمل الخطأ.
وفيما أظن أن الكلمة مسؤولية يترتب عليها واجبات في غاية الأهمية - فبالأمل والتمني عسى أن توجه الكلمة لصالح الحقيقة متى أدركناها، وتفعيل هذا المنهاج ممكن بحد أدنى على الأقل في عهد تُقتل معه الحقائق ويغيب الصدق، غير أن هذا النهج لابد أن يكون له من أثر إيجابي في أجيالٍ نتمنى أن تحقق ما عجزنا عنه ولها من عواطفنا ومخاوفنا الشيء الكثير.
كلمة أخيرة أؤكد أن لا رغبة لديّ اليوم أو قبله وربما ما بعده أن يأخذ بي القول إلى حالة من الوعظ أو الإرشاد، وكل ما أقصده مناجاة فكر لفكر ونحن نمارس الحياة معاً، ونأمل لها الكثير من الرقي والتقدم، ولسان حالي في عمومه يردد ما قال المتنبي:


وليس يصحّ في الأنام شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved